حسن فضل الله... نائب الأمة أم منفذ أجندات إيران في لبنان؟

بقلم الكاتب و الباحث السياسي عبد الحميد عجم

حسن فضل الله... نائب الأمة أم منفذ أجندات إيران في لبنان؟

في تصريح حديث، أكد النائب حسن فضل الله أن "لا يمكن لأحد أن يفرض على الشعب اللبناني رئيساً"، داعياً إلى "رفض الإملاءات الخارجية" والاعتماد على "التفاهمات الداخلية" لانتخاب رئيس الجمهورية. كلمات رنانة وشعارات تزين الخطابات، لكنها تصطدم بواقع يعيشه اللبنانيون يوميًا، حيث تتلاشى السيادة الوطنية أمام مشهد سياسي معقد، تتحكم فيه الولاءات الخارجية أكثر من المصالح الوطنية.

 

عندما يتحدث النائب فضل الله عن رفض التدخلات الخارجية، يتبادر إلى الأذهان سؤال بديهي: أليس تنفيذ أجندات إيران ومشروعها التوسعي في لبنان هو تدخل خارجي صريح؟ كيف يمكن التنديد بالإملاءات الخارجية بينما يُدار القرار اللبناني من عواصم إقليمية؟ أليس تسليم البلاد إلى نفوذ طهران، وتمكين أجنداتها في الداخل اللبناني، خيانةً واضحة لسيادة الدولة التي يُفترض الدفاع عنها؟

 

يا حضرة نائب الأمة، الحديث عن الاستقلالية والسيادة الوطنية لا يتجزأ. فإما أن يكون موقفاً ثابتاً في وجه كل التدخلات، وإما أن يصبح ذريعةً لتبرير تبعية سياسية تخدم مصالح خارجية على حساب الوطن والمواطن.

 

يكرر النائب فضل الله الحديث عن "التفاهمات الداخلية" كطريق وحيد لانتخاب الرئيس وحل الأزمات، لكن الواقع اللبناني يكشف خلاف ذلك. فالخلافات العميقة بين القوى السياسية، بما في ذلك الأطراف المتحالفة، تعطل أي إمكانية لتحقيق هذه التفاهمات. ألا تبدو الدعوة إلى التفاهمات مجرد غطاءٍ لاستمرار الفراغ السياسي وإبقاء لبنان رهينة الحسابات الإقليمية؟

كيف يمكن الوصول إلى تفاهم داخلي حقيقي إذا كان القرار اللبناني مرهوناً بإشارات خارجية تأتي من وراء الحدود؟ أليس حرياً بمن يتحدث عن استقلالية القرار الوطني أن يبدأ بفك ارتباطه بالمحاور الإقليمية التي تغرق لبنان في أزمات لا نهاية لها؟

إن الحديث عن الدفاع عن لبنان في وجه الاعتداءات الإسرائيلية لا يمكن أن يكون المعيار الوحيد لقياس السيادة. فحماية السيادة تبدأ من بناء دولة قوية ذات قرار مستقل، لا يتأثر بضغوط داخلية أو خارجية. لا يمكن الحديث عن سيادة الدولة فيما تغيب الدولة نفسها عن قرارات مصيرية تُتخذ في الظل وتنفذها أطراف تحمل أجندات غير لبنانية.

إن رفض التدخلات الخارجية يجب أن يكون شاملاً، ولا يُستثنى منه أي طرف مهما كانت مبرراته أو شعاراته. فكما أن التدخلات الغربية مرفوضة، فإن التبعية لمحور إقليمي على حساب المصلحة اللبنانية هي الوجه الآخر لنفس العملة.

لبنان اليوم يقف على حافة الهاوية، وشعبه يدفع ثمناً باهظاً نتيجة سياسات خاطئة تحولت إلى جزء من مشروع إقليمي لا يخدم سوى مصالح الخارج. النائب فضل الله، وكل من يتحدث عن حماية لبنان، عليه أن يدرك أن السيادة ليست مجرد كلمة تُقال في المهرجانات، بل فعلٌ يومي يترجم باستقلالية القرار السياسي وبناء مؤسسات وطنية تخدم الشعب لا المشاريع الخارجية.

السيادة لا تُحمى بالشعارات، بل تبدأ من الداخل، ومن قرار شجاع بالابتعاد عن لعبة المحاور التي مزقت لبنان وأضعفته. أما الاستمرار في هذا المسار، فلن يؤدي إلا إلى تعميق الأزمة ودفع لبنان إلى مزيد من الانهيار.