القمّة العربيّة الإسلاميّة:أسد ورئيسي!

خاص مراسل نيوز

القمّة العربيّة الإسلاميّة:أسد ورئيسي!

لم تخرج القمّة العربيّة الإسلاميّة التي انعقدت في جدّة عن مسار القمم العربية السابقة التي طالما تعاطت مع القضيّة الفلسطينية بشيء من العقلانية وبشيء من البراغماتية التي قد لا ترضي المزاج العربي الراهن، المنفعل حول ما يجري من مجزرة إسرائيلية مفتوحة بحقّ غزّة وأهلها، ولكنّها - في خطابات قادتها وملوكها وبياناتهم على مختلف لهجاتهم وتواترهم – تحاول أن تحدّ قدر الإمكان من الإندفاع الأميركي الغربي نحو الدعم المطلق وغير المسبوق للكيان الصهيوني، وتحاول أن تحدّ من إنفلات الآلة العسكرية في الفتك غير المحدود وغير المشروط ضدّ الشعب الفلسطيني دونما تمييز بين طفل ومقاتل، بين خندق ومستشفى، وبين حماسيّ أو جهادي وبين إمرأة تائهة على سكّة الهجرة الجديدة من شمال القطاع وجنوبه، وكأنّه كُتب على هذا الشعب أن يبقى مشرّداً مهجّراً داخل أرضه أو خارجها، صوب سيناء المصرية أو صوب صحراء النقب الرمليّة!

لا جديد في بيان القمة المنعقدة بعد شهر من عمليّة "طوفان الأقصى"، ولكنّ الجديد، لا بل المذهل في طبيعة الحضور المشارك في هذه القمّة، وهو وجود ومواقف كلّ من الرئيس السوري بشار الأسد والرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي في هذه القمّة؟

كتب أحد الصحافيين الإلمان ما يلي:"الجامعة العربية تدعو رجلاً قتل أكثر من 200 ألف عربي في سوريا بسبب مقتل 10 آلاف عربي في فلسطين".إنّها مفارقة كبيرة:كيف يمكن للرئيس الأسد أن يدين همجيّة العدو الإسرائيلي، وهو الذي ضرب شعبه بالكيماوي، وما زال يرمي البراميل المتفجّرة على رؤوس الأطفال والنساء، فيما يلزم الصمت والحياد حيال القصف الإسرائيلي اليومي لسوريا، بدءً من مطاري حلب ودمشق، وصولاً الى مقار وثكنات الجيش السوري، عدا الميليشيات الإيرانية من فاطميين وزينبيين وحزب الله؟ كيف يمكن لهذا الرجل أن يكون عضواً في قمّة عنوانها "فلسطين" وهو الذي أخرجت صواريخه القائد الراحل ياسر عرفات وقوات منظمة التحرير الفلسطينية من مدينة طرابلس، وذلك بالصواريخ العشوائيّة على رؤوس أهل المدينة وبيوتها؟كيف يمكن لمن هجّر فلسطينيي مخيّم اليرموك الى لبنان وغير لبنان أن يكون شريكاً صالحاً في منع تهجير الفلسطينيين من غزّة الى أرض شتات جديدة؟

وكما الأسد، كذلك الرئيس الإيراني رئيسي قاتل نساء وصبايا طهران:كيف يمكن له أن يدّعي استرجاع حقّ الفلسطينيين بالعودة، وهو الذي يضرب بالسيف القاطع كلّ من يطالب بالحدّ الأدنى من الحريات في صفوف شعبه؟وقد سبق القمّة بتصريح يقول "نريد الفعل لا القول"، وها هم أطفال غزّة يسألون:ماذا فعل حرسك الثوري كي يقينا شرّ وبطش العدو الإسرائيلي، أين صواريخكم العابرة للقارات، وأين تخصيب اليورانيوم في مصانعكم؟

الأسد ورئيسي ضيفان ثقيلان على هذه القمّة، كما هما ضيفان ثقيلان على القضيّة الفلسطينية، وعلى شعوب العواصم العربية الأربعة التي يدّعون السيطرة عليها:بيروت وصنعاء وبغداد ودمشق..أيا ليت الملوك والحكّام العرب يعقدون قمّة عاجلة عنوانها "تحرير هذه العواصم الأربعة" ليس إلّا!