ميقاتي خارج اللعبة!
بقلم رئيسة التحرير ليندا المصري
لماذا يبدو الرئيس نجيب ميقاتي في معظم الأحيان، وحيال أكثر القضايا والمواقف ذات التأثير، وكأنّه خارج اللعبة، أو في أفضل الأحيان مجرّد متفرّج بنصف عين مفتوحة ونصف عين مغمضة؟ لماذا يبدو كمن تسبقه الأحداث، مكتفياً باللحاق بتداعياتها مجبراً (لا بطلاً)، كمن وُجد بالصدفة في المكان والزمان غير المناسبين، وليس كمن يرأس أعلى سلطة تنفيذيّة في البلاد؟
لماذا يبدو على الدوام قابعاً في دائرة الإتهام، أمّا بالتواطؤ مع هذا الطرف كما في حال المشروع الخاص بالمصارف والودائع، والعائد لنائب رئيس الحكومة سعادة الشامي (في آخر تصريحاته، قال هذا الأخير "لا أحد يلوي ذراعي"، وكأنّنا في حلبة ملاكمة، لا في وظيفة إدارة مصالح دولة وناس)..وأمّا بالضعف والإستسلام كما في حال العلاقة مع رئيس المجلس النيابي نبيه برّي، حيث ينجرّ إلى طروحات معيّنة، ليعود فيكتشف متأخّراً أنّها مفخّخة أو خاطئة، كما في "الحوافز الفريش دولار" التي وافق على صرفها لمحظيّي وزارة الماليّة، ما أقام قيامة باقي موظّفي القطاع العام والأسلاك العسكرية، حيث اضطرّ إلى التراجع مصطدماً، هذه المرّة، مع المستفيدين في وزارة المالية، وهو ما أوصل البلد إلى فوضى إداريّة – ماليّة غير مسبوقة:شلل تام في كلّ الدوائر والمؤسّسات الرسميّة، العسكر في تأهّب..ولا رواتب في نهاية شهر شباط!
كيف يفكّر الرئيس ميقاتي، صاحب التجربة الطويلة في العمل السياسي، وصاحب الباع الطويل في عالم المال والإقتصاد؟
اليوم، زار سفراء عرب مدينته بمناسبة "فعاليّة طرابلس عاصمة للثقافة العربية 2024" بدعوة من وزير الثقافة محمد المرتضى:كيف يترك لغيره أن يبادر في عقر داره، مكتفياً بوليمة غداء كان يمكن لها أن تتمّ في الشاطئ الفضّي أو في الشاطر حسن؟
بلديّة طرابلس تعيش بلبلة داخلية يمكن أن تؤدّي الى حلّ المجلس إعتراضاً من أكثر من ثلثيّ الأعضاء على تنفيذ قرار مجلس شورى الدولة القاضي بإعادة الدكتور رياض يمق لتسلّم رئاستها:لا يتدخّل، تاركاً أمور الحلّ والربط لكلّ من المفتي الشيخ محمد إمام والنائب الجديد إيهاب مطر..كيف ذلك، علماً بأنّ المبنى الأثري للبلدية سبق أن تعرّض للحريق المفتعل منذ عدّة سنوات، ولا يزال مشوّهاً بلا ترميم لنقص في المال؟
منذ سنوات وجميع مواطني وسكّان طرابلس يعيشون كابوساً معيشيّاً – أمنيّاً تتسبّب به "مافيا المولّدات".هؤلاء يتحكّمون بتسعيرة الإشتراكات هي الإعلى في لبنان، ويرفضون تركيب العدّادات المقرّرة من وزارة الإقتصاد، مستعملين لفرض هيبتهم أساليب التخويف والترهيب، مستظلّين مصالح مشتركة مع شبكة من أصحاب النفوذ في الإدارة والأمن..فماذا فعل ميقاتي لنجدة أهل مدينته؟ لم يحرّك ساكناً.ويشاركه في هذا الصمت المريب وزير الداخلية بسام مولوي:كيف لهما أن يتفرّجا بعيون من زجاج على كلّ هذا القهر اليومي الذي تتحمّله المدينة؟
عجيب غريب أمر دولته:من جهة، يدّعي زهده بالحكم والحكومة (حلّوا عنّا..)، ومن جهة أخرى يسارع الى تقديم أوراق اعتماده لولاية جديدة، كلّما سنحت له الفرصة لذلك..يستقبل الشيخ سعد الحريري بعبارة "السراي الكبير بيتو.."، ولكنّه طالما انتهز الفرصة للحلول مكانه كما في "واقعة البيت الأبيض" الشهيرة!
غريب عجيب أمرك، يا دولة الرئيس:"حيّرت قلبي (وقلوبنا) معاك"!!