لا ناتنياهو..ولا السنوار!

بقلم رئيسة التحرير ليندا المصري

لا ناتنياهو..ولا السنوار!

هل تتحقّق "هدنة رمضان" في قطاع غزّة الممزّق المهدّم المنقسم إلى مساحات معزولة عن بعضها البعض؟ هل يتنفّس أكثر من مليون ونصف المليون فلسطيني وفلسطينيّة الصعداء – ولو على شكل هدنة مؤقّتة قد تمتدّ إلى 6 أسابيع كما يُقال، توفيراً لتبادل الرهائن والسجناء – بعد خمسة أشهر من الجحيم برّاً وبحراً وجوّاً؟ أو بأسلوب آخر، يمكن طرح الأسئلة على الشكل الآتي:هل يريد حقّاً رئيس الحكومة الإسرائيلية ناتنياهو هدنة في الحرب التي يعتبرها مصيريّة بالنسبة للكيان الصهيوني وبالنسبة لمستقبله السياسي والشخصي..وهل له مصلحة في هذه الهدنة التي يضغط الأميركيون في سبيلها لحسابات إنتخابية تتأثّر بها حكماً الولاية الثانية للرئيس جو بايدن؟

ماذا عن قادة "حماس" الذين يخوضون حرب وجود أو لا وجود في أنفاقهم، وماذا عن قائد ومهندس عمليّة "طوفان الأقصى" يحي السنوار:هل له مصلحة فعليّة في وقف القتال الدائر تحت الأرض، ما يُتيح للساكنين (أحياءً أمواتاً) فوق الأرض الفرصة للتساؤل حول ميزان الأرباح والخسائر في هذه الحرب التي أبعدتهم عن غلاف غزّة، وأبعدتهم عن بيوتهم ومدنهم وبلداتهم، ولم تقرّبهم قيد أنملة من حدود القدس الموعودة أو من بوّابات مسجد الأقصى الشريف؟

دون تردّد:لا مصلحة لناتنياهو في أيّ يوم هدنة.في عزّ الحرب والصواريخ المتطايرة فوق المدن الإسرائيلية، حتّى العاصمة تل أبيب، تقوم التظاهرات الداعية إلى إستقالة حكومته، كما يطالب المتظاهرون (إضافة إلى دوائر مختلفة في الدولة ومؤسسة الجيش) بإحالته على المحكمة بتهمة التقصير الأمني الفادح الذي تجلّى في عمليّة "طوفان الأقصى" في السابع من أوكتوبر الماضي، والذي أظهر ضعفاً إستخباراتياً لا بدّ أن تجري محاسبة واسعة حوله تطال جميع المسؤولين في المراكز العليا، وفي طليعتهم رئيس الحكومة.ما يسعى إليه ناتنياهو هو إحراز نصر كبير في غزّة أو في لبنان، أو في كلا الجبهتين.ففي غزّة، لا يستطيع أن يخرج من الحرب قبل إعلانه القضاء الكامل على تنظيم حماس، قيادةً وتنظيماً وحُكماً، بمعنى تسليم إدارة القطاع إلى جهة فلسطينية آمنة بالنسبة للعلاقة مع إسرائيل، كمحمد دحلان مثلاً.ويعرف ناتنياهو أنّ الوقت لا يعمل لمصلحته (أقلّه الشخصيّة) حيث يتكاثر عدد القتلى من الجنود والمدنيين ما يزيد من نقمة الرأي العام عليه وعلى حكومته، عدا الضغوط الدولية التي تمارس لوقف القتال، وخاصة في رفح حيث يمكن أن ترتكب المجزرة الأكبر في التاريخ!

القائد السنوار يُصنّف من الأشخاص القلائل الذين لا يمتلكون شيئاً كي يخسروه، هو الذي قضى حوالي عشرين سنة في السجون الإسرائيلية.قادة حماس يعرفون جيّداً أنّ حياتهم في خطر دائم، إذا ما خرجوا من أنفاقهم.هنا صنعوا موقعة "طوفان الأقصى"، وهنا سجّلوا بطولاتهم..وهنا ينتصرون أو يستشهدون.كما يعرفون أنّ ما ينتظرهم، عندما تخفت أصوات طبول الحرب، كبير وكبير جدّاً:ماذا يفعلون حيال مليون ونصف المليون غزّاوي وغزّاوية بلا مأوى ولا عمل ولا طعام ولا مستقبل ولا أرض؟كيف يواجهون السؤال الكبير:هل كنتم تعلمون..في اليوم التالي للسابع من أوكتوبر؟ أين الحلفاء المفترضون في طهران؟ أين الخبز والماء والحليب والدواء؟ أين مستشفيات القطاع، ومدارسه وجامعاته وكلّ ما يُنبئ بالحياة والحدّ الأدنى من العيش الكريم؟ مَن يبني لنا سقفاً نحتمي به من حرّ الصيف وبرد الشتاء؟

لا جواب شافٍ لدى حماس وقيادتها.لا جواب شافٍ لدى السنوار وضيف.إذاً، لا مصلحة لهم في أيّ نوع من أنواع الهدنة.هم يعرفون أن يقاتلوا، وهذا ما يجعل أيّ هدنة تفصيلاً لا يقدّم ولا يؤخّر في مصيرهم المحتوم..كذلك ناتنياهو، فهو يخوض آخر حروبه:يخرج بطلاً إلى السجن..أو يُهزَم مرّتين، الأولى في 7 أوكتوبر، والثانية في أيّ هدنة يمكن أن تُسجًّل نصراً في خانة السنوار!

لا ناتنياهو ولا السنوار يريدان هدنة في غزّة..وحدها أميركا تجد مصلحة لها:فهل تقدر على ذلك؟