قادة حماس "حفاة"!
بقلم عبد الحميد عجم
الصورة ليست بريئة (قادة حماس الثلاثة "حفاة" في حضرة المرشد الأعلى، وهو ينتعل حذاءه)، خاصّة وأنّها خارجة بالذات من مقرّ السيّد الخامنئي (المعظّم).لا صوت ولا صورة يخرجان من هذا المكان (أو الأمكنة المشابهة في كلّ العالم) بعفويّة أو دون رقابة مسبقة مشدّدة، تسمح أو لا تسمح.الصورة تحمل الكثير من الطاعة (الثلاثة محشورون على مقعد واحد، لا يتّسع ولو لعصفور إضافي) ما يضطرّهم للنظر في اتّجاه معيّن، والكثير من الإستسلام لما سيقوله المرشد من أوامر، والكثير من المهانة، حيث أنّ نعالهم يمكن أن تدنّس المكان، فيما نعاله تتماهى مع العلاقة الفوقيّة التي تضفيها أجواء المناسبة وطبيعة الفروقات الإيمانيّة بين الضيوف والمضيف!
ليس جديداً على مَن كان في مكانة الإمام الخامنئي أن يتصرّف بهذا الأسلوب، محاولاً من خلاله إيصال "الرسائل"، أكان إلى الحاضرين، أو إلى الغائبين الذين يفهمون من ضدّيّة "الحذاء والحفاة" ما يجب أو ما يريد أن يفهموه.لقد سبق للقيصر الروسي الجديد فلاديمير بوتين (وهو لا يفرق عن الخامنئي سوى في التوصيف بأنّ الأوّل أمير الزمان، فيما الثاني هو أمير الإيمان..) أن مارس "لعبة الصورة" مع كلّ من رئيسة الحكومة الإلمانيّة ميركل، ومع الرئيس التركي رجب أردوغان:مع ميركل أدخل إلى القاعة كلباً شديد الشراسة كونه يعرف أنّها تخاف من الكلاب..ومع أردوغان، إعتمد الجلوس على رأس طاولة بعيدة المسافة عن الرأس الآخر، وذلك بعد اللقاء بينهما الذي تلى إسقاط القوات التركية لطائرة ميغ روسيّة، فوق الأراضي السوريّة!
وكذلك كان العميد الراحل غازي كنعان يمارس هذه الفوقيّة والإذلال، بطريقة أكثر فجاجةً وحقارةً، مع بعض النوّاب والشخصيّات السياسيّة اللبنانية، حيث يبلغهم مدير مكتبه بأنّ عليهم الإنتظار بعض الوقت قبل مقابلته، كونه يقوم بمسح حذائه من قبل أحد الماسحين "البطيئين"، وهذا قد يستغرق ربع ساعة أو ساعة كاملة، حسب الرسالة المرجوّة التي يريد أن يتلقّاها "الزائر"..وهكذا دوليك، حيث يبدو أنّ "الحذاء" يلعب دوراً محوريّاً في خطاب وصورة وسلوك محور الممانعة، والذي طالما تجلّى في "صبّاط" الوزير السابق وئام وهّاب!
أمّا ما يريده الخامنئي من "صورة" الإجتماع فهو التالي:
-إنّ قيادة حركة حماس، في الداخل وفي الخارج (قطر وتركيا..)، إنّما تعود الإمرة له بالنسبة للتفاوض حول مصير غزّة ومصير الحماسيّين ومصير المفاوضات الدائرة حول الهدنة.
-إنّ "اليوم التالي" الذي يجري التباحث حوله بين أميركا وإسرائيل ودول الجوار وقطر والسعودية لا يمكن له أن يشهد النور دون المرور بطهران.من هنا بدأت عمليّة "طوفان الأقصى"، وهنا تتمّ مراسم الإنتقال من حكم "حماس" إلى حكم مدير مخابرات السلطة الفلسطينية أو العميد محمد دحلان.في العرف الإيراني، هي من الدول الرابحة كيفما استقرّت هذه الحرب، وأنّ خسارة ورقة (قطاع غزّة) لا تعني خسارة الحقّ بالتفاوض، والحقّ بتحقيق المكاسب.فالأذرع الباقية (لبنان والعراق وسوريّا واليمن) جاهزة لطوفان آخر، ولو كان الثمن أكثر من ثلاثة وثلاثين ألف قتيل فلسطيني معلن، عدا المفقودين والجرحى، وعدا تشريد حوالي مليوني رجل وإمرأة وطفل ومسنّ.كلّه في "حبّ" المهتدي المنتظر يهون، كما تهون دماء الشباب في جنوب لبنان، حيث بلغ عدد الشهداء 15 في 24 ساعة تقريباً، عدا القرى المهدّمة بالكامل على الحدود المحاذية لإسرائيل.
قادة حماس "حفاة" الأرجل، هكذا تقول الصورة.وهم "حفاة" من أيّ قرار مستقلّ، كما تقول الرسالة!