السنيورة: خطاب الرئيس مميز وواضح ونقدر عاليا دور السعودية و"الخماسية"

السنيورة: خطاب الرئيس مميز وواضح ونقدر عاليا دور السعودية و"الخماسية"

اعتبر الرئيس فؤاد السنيورة في حوار مع قناة "الشرق" في الامارات العربية المتحدة، ان يوم انتخاب العماد جوزاف عون رئيسا للجمهورية، هو "يوم سعيد جدا بالنسبة للبنانيين، كونه وضع حدا للفراغ القاتل في سدة الرئاسة الذي استمر لأكثر من سنتين، وأدى إلى عدم قدرة لبنان على إعادة تكوين مؤسساته الدستورية، وحال دون أن تكون لدينا حكومة كاملة الصلاحيات تتولى مسؤوليات الحكم ومعالجة المشكلات الضخمة التي بات يعاني منها لبنان.

هذا يوم سعيد جدا حقا، ليس فقط في أننا استطعنا إنجاز عملية انتخاب الرئيس، ولكن أيضاً لأنه كان من الملفت الخطاب المميّز الذي ألقاه فخامته وتناول فيه جميع القضايا الأساسية التي يطمح اللبنانيون أن يجدوا لها معالجات صحيحة ودائمة. اللبنانيون يريدون أن تكون لهم دولة تكون سلطتها كاملة وغير منقوصة، وأن تكون هي الجهة الوحيدة التي تحتكر حمل السلاح في الداخل ولها الحق في استعماله عند الاقتضاء. ذلك لأنه لا تستقيم الأمور بوجود قوى مسلحة أخرى في لبنان تعتدي على الدولة وتمنعها من ممارسة دورها وسلطتها وقرارها الحر".

وعن خطاب القسم للرئيس عون، اعتبر السنيورة أنه "يشكل برنامج عمل أساسي للحكومة التي ستتألف وفي فترة رئاسته لمدة ست سنوات والتي نأمل أن يكون فيها الخير للبنان واللبنانيين، ويكون فيها الاصرار على التزام طريق الإصلاح الحقيقي وأن تجري فيها الممارسات الصحيحة لتحقيق النهوض الوطني والسياسي والاقتصادي والمعيشي، والاستقرار الذي نتحسر على فقدانه على مدى سنوات طويلة"، معتبرا ان "هناك نافذة أساسية قد فتحت في لبنان وأعتقد أن بإمكاننا أن نحول جميع الأزمات إلى فرص مستجدة بحيث يستطيع اللبنانيون أن يمارسوا دورهم كمواطنين حريصين على أن تكون لهم دولة حقيقية يعتزون بالانتماء إليها".

واعتبر السنيورة ان "فخامة الرئيس أرسل رسائل أساسية وواضحة لكل اللبنانيين والقوى السياسية والحزبية في لبنان أو في محيطنا، وكان واضحا بشأن مسار البوصلة التي سيعتمدها العهد وما ينبغي على الحكومة العتيدة أن تلتزم به لمعالجة هذا الكم الكبير من المشكلات التي بات يعاني منها لبنان واللبنانيين"، وقال: "ليكن معلوماً أنه لا يمكن أن تستقيم الأمور بوجود سلطتين تتنافسان بين بعضهما بعضاً، أو أن تستولي سلطة غير شرعية على السلطة الشرعية للدولة، ولا يجوز أن تستمر الميوعة في معالجة الأمور والمشكلات التي يعاني منها لبنان. يجب أن تكون الأمور واضحة للجميع بضرورة الانضواء تحت خيمة الدولة اللبنانية التي لا ينازعها أحد في سلطتها، والتي تحتكر حمل السلاح ولها قرارها الحر".

اضاف: "طبيعي هناك مشكلات يجب أن نجد لها حلولاً صحيحة. علينا أن نتعامل مع المشكلات التي نواجهها بكل حكمة وروية واحتضان لجميع مكونات الدولة اللبنانية، ولكن بحزم وجدية.

نحن نعلم أن المسلمين الشيعة هم مكون أساسي من مكونات الدولة اللبنانية، ولهم ما لجميع اللبنانيين، وعليهم ما على جميع اللبنانيين. وليس حزب الله هو كل الشيعة. ولكن الحزب موجود والمفيد والضروري له ولجميع اللبنانيين أن ينضوي الحزب تحت خيمة الدولة اللبنانية. كما أنّ علينا أن نحتضن بعضنا بعضاً، وأن نستولد من رحم هذه المأساة الكبرى التي عشناها فرصة جديدة لإعادة بناء لبنان وإعادة بناء الدولة الوطنية المدنية المحتضنة لكل مكوناتها.

وأن تستعيد الدولة سلطتها وثقة الناس بها وثقة الأشقاء والأصدقاء. هذه كلها مسائل كبرى علينا أن نتنبه لها، وأن نتبصر في كيفية إدارتها. وأعتقد أن هذه المشكلات الكبرى التي سيواجهها فخامة الرئيس والحكومة العتيدة التي هي صاحبة السلطة التنفيذية، والتي تقع عليها المسؤولية في إدارة وتدبر هذه القضايا والمشكلات، ولا حل إلاّ باعتماد أسلوب وطريق الإصلاح لتحقيق النهوض الحقيقي"

واوضح أن "ما ينص عليه الدستور اللبناني هو أنّ رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن ورئيس جميع السلطات، لكنه ليس رئيساً للسلطة التنفيذية.

وكما يعلم الجميع، فإنّ الرئيس لا يصوت على قرارات مجلس الوزراء. كما أنّ رئيس الجمهورية ليس رئيساً لفريق من اللبنانيين، ولا يجوز أن يكون لاهثاً وراء مركز من هنا أو مركز من هناك، أو لاهثاً وراء نائب من هنا أو وزيراً من هناك. فهو رئيس كل السلطات، وهو الذي يستطيع أن يجمع كل اللبنانيين، وهو الذي أوكله الدستور بالحفاظ على الدستور وحمايته. وهو الذي أقسم على احترامه والحرص على أن تحترمه كل السلطات وكل الإدارات وكل المؤسسات والأجهزة في لبنان".

ورأى ان "الدور الذي لعبته الخماسية كان هاماً وأساسياً في التوصل إلى هذه النتيجة الحاسمة. وفي مقدم أعضاء هذه الخماسية يجب أن نعترف وأن نقدّر عالياً الدور البناء والكبير الذي لعبته المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمير محمد بن سلمان. هذا الدور الوطني والعربي. وهو الذي أدّى إلى أن يتحقق هذا الانتخاب، بحيث أصبح لدينا اليوم رئيساً جديداً للجمهورية.

حتماً هناك مشكلات كبرى أوقعنا أنفسنا فيها، وأوقعت المجموعات السياسية الحزبية والطائفية والمذهبية والميلشياوية لبنان فيها، والتي حصلت بسببها كل تلك الممارسات التي عانى ولايزال يعاني منها لبنان واللبنانيين، وعلى مدى أكثر من عقدين. لقد جرى الضرب بعرض الحائط بالدستور اللبناني وباتفاق الطائف، وأدّت إلى تلك الممارسات الخاطئة التي كانت تحصل إلى السيطرة على الدولة اللبنانية وجعل إدارات الدولة ومؤسساتها وأجهزتها عرضة للمنازعات والانقسامات الزبائنية بين شتى الأحزاب الطائفية والمذهبية والميليشياوية، بحيث بات الولاء فيها لتلك الأحزاب وليس للدولة".

وقال: "لقد قدرت كثيرا ما قاله الرئيس اليوم في خطاب القسم، بأنّه يؤمن بإعادة الاعتبار إلى معايير الكفاءة والجدارة والنزاهة في تسلم المسؤوليات، وأن تكون هناك مداورة أيضا في تسلم المسؤوليات في جميع المراكز في الدولة اللبنانية. بالفعل يجب أن يعود لبنان دولةً طبيعية، يشعر المواطن اللبناني فيها أنه محترم، وأنه يعامل مثله مثل اي مواطن آخر، لا ميزة لأحد على أحد. هذه عيّنة من الأمور التي افتقدناها خلال العقود الماضية.

المؤسف أنه على مدى هذه السنوات الماضية، جرى الحؤول دون أن يكون لدينا دولة تحترم نفسها وتحترم مواطنيها. طبعاً هذا ليس بالأمر السهل إنجاز هذا التغيير الإيجابي خلال فترة بسيطة. ولكن يجب أن تلتزم لسلوك هذه الطريق، وهي الطريق الوحيدة التي توصل لبنان إلى بر الأمان".

وعما اذا كان الترحيب الدولي والعربي الكبير بانتخاب الرئيس عون هو بداية جديدة لعلاقات لبنان مع محيطه العربي، قال: "اللبنانيون فرحين ومرحبين بهذا الانتخاب، وأصبح لديهم رئيس جديد للجمهورية بعد فراغ طويل. وهم بالفعل متشوقين من أن تكون لهم دولة تحترمهم ويحترمونها. كذلك أيضاً، فإنّ أشقاءنا العرب وأصدقائنا في العالم متشوقون ان يعود لبنان بلداً طبيعياً، وأن تكون لديه دولة مسؤولة تحترم مواطنيها، وتحترم نفسها، وتحترم الاتفاقيات المعقودة مع الأشقاء ومع العالم.

وبالتالي، فإنّ هذا يعني أنّ الكل يريد أن يفتح صفحة جديدة مع الدولة اللبنانية التي يجب أن يكون الآن همّها الأساس إنقاذ لبنان، واستعادة الثقة بدولة لبنان، واستعاد ثقة اللبنانيين بدولتهم من أجل أن ينهضوا بأوضاعهم العامة وأوضاع اقتصادهم، والخروج من ظروفهم وأوضاعهم الصعبة، وأن يعيدوا بناء وإعمار لبنان بشراً وبناءً ومؤسسات. هناك مشكلات كبرى تحيق بنا لا نستطيع أن نواجهها وحدنا، ونحن بحاجة لدعم أشقائنا واًصدقائنا.

ولكن يجب علينا أن ندرك أنّ الحل يبدأ من الداخل اللبناني، وعبر ممارسة الإرادة الحقيقية للبنانيين بأنهم يريدون ومصممون على أن يستعيدوا دولتهم المخطوفة، وأنهم يريدون أن يبنوا دولة المواطنة الصحيحة. هذا الأمر هو الوسيلة الأساس التي تستعيد ثقة اللبنانيين بوطنهم وبثقة الآخرين بنا. هذا هو الأمر الذي افتقدناه على مدى كل هذه السنوات الطويلة. لذا، فإنّي أعتقد الآن أنّ لدينا فرصة يجب أن ننتهزها. يحلو لي أن أستشهد بالقول: "أنّ لا رياح مؤاتية لمن لا أشرعة له". هناك احتمال كبير بأن تكون هناك رياح مؤاتية. ولذلك، فإنّ علينا اليوم أن نبني أول صاري وأول شراع، حتى نستفيد من هبوب الرياح لصالحنا.

وهذا بالتالي يوجب علينا أن نمارس إرادة حقيقية في أن تكون لدينا رؤية صحيحة للأمور، ورؤية صحيحة لما يجري من حولنا وفي العالم، وأن تكون لدينا إرادة قوية، وأن تكون لدينا أيضاً قيادة قوية ومتبصرة، وأن تكون لدينا الشجاعة الكافية لاتخاذ القرارات والإجراءات التنفيذية الصحيحة. هذه الصفات الأربعة التي أعتقد أن علينا أن نمارسها في المرحلة القادمة من قبل فخامة الرئيس والحكومة العتيدة، ولصالح جميع اللبنانيين، وليس لصالح فريق من اللبنانيين ضد فريق آخر من الفرقاء اللبنانيين. يجب علينا أن نحتضن بعضنا بعضاً، ولا أن يتصور أحد أن هذا العمل سيؤدي إلى غلبة فريق على آخر في لبنان".

واكد ان "لبنان يقوم على قوة التوازن وليس على توازن القوى، وتوازن القوى هو الأمر المتبدل بحسب تغير الظروف والأحوال، لا يجوز بالتالي لأحدهم أن يقول أنا اليوم أصبحت أكثر قوة أريد أن أحصل على شروط أكثر أو أفضل. هذا الأمر لا تستقيم به أوضاع لبنان. لبنان لا يقوم على أن هناك فريق من اللبنانيين قد انهزم وفريق آخر قد انتصر. الجميع منتصر بعودة الدولة العادلة والقادرة. الدولة يجب أن تكون هي صاحبة السلطة الوحيدة في لبنان التي تعتمد النظام الديمقراطي البرلماني".

وتابع: "اليوم انتهى الجهاد الأصغر وبدأ الجهاد الأكبر وهو في عملية إعادة بناء الدولة العادلة والقادرة، التي يجب أن تقوم على استعادة الاعتبار للدستور ولحسن واستكمال تطبيق اتفاق الطائف. الدولة التي تحترم النظام الديمقراطي البرلماني القائم على فصل السلطات وتوازنها وتعاونها. وتحترم النظام الديمقراطي البرلماني الذي يقوم على حقيقة أساسية، وهي أن هناك أكثرية تحكم وأقلية غير مهمشة تعارض.

خلال هذه السنوات الماضية، جرى إفساد الكثير من الأمور، وجرى التلاعب بالدستور، وجرى الامتناع عن حسن واستكمال تطبيق اتفاق الطائف، ووضعنا بالنهاية كل العراقيل من أجل أن لا تقوم الدولة صاحبة السلطة الوحيدة التي تحتكر حمل السلاح، والتي لها إرادتها وقرارها الحر. يجب أن تكون هناك أكثرية تحكم واقلية غير مهمشة تعارض. كل تلك الممارسات الماضية الخاطئة والمدمرة بشأن ما يسمى الثلث المعطل، وما يسمى بالديمقراطية التوافقية، حكومات الوحدة الوطنية، بحيث بات من غير الممكن إجراء المحاسبات الصحيحة للسلطات التنفيذية في لبنان، حيث اختلط دور السلطة التنفيذية مع السلطة التشريعية.

كل هذا يجب أن يتوقف. لقد جرت الإطاحة في الفترة الماضية بمبدأ فصل السلطات، ولم يجر تطبيقه بشكلٍ صحيح. هذه الأمور أدت إلى خراب لبنان، وأدّت إلى عدم القدرة على أن نؤلف حكومات، أو ننتخب رؤساء الجمهورية في الوقت الصحيح.

للأسف، نحن عانينا من مراحل صعبة مش بس ما كنا قادرين ان ننتخب رئيس جمهورية، ولكن كان يمضي علينا أشهر طويلة، عشرة أشهر أو أكثر، لا يستطيع فيها لبنان أن تتألف فيه الحكومات القادرة على الحكم بسبب الاختلافات بين الأحزاب السياسية. كل حزب يريد أن يحتفظ بحقيبة وزارية معينة، ويريد أن يحتكر مراكز معينة، ويريد أشخاص بعينهم يريد أن يزرعهم في الإدارات، ويعملون لصالح تلك الأحزاب الطائفية والمذهبية والميليشياوية، وليس لصالح الدولة، وليس لصالح جميع المواطنين.

وهكذا كانت النتائج المدمرة، وبالتالي كان الخاسر الأساس هو الدولة اللبنانية واللبنانيون جميعاً. وهكذا اضعنا كل الفرص التي كانت متاحة للبنان على مدى العقود الماضية. لقد آن الأوان بأن نعيد الاعتبار للديمقراطية البرلمانية الحقيقية، بحيث تتولى الأكثرية المسؤولية وتتحمل مسؤوليتاها وما يمليه عليها دورها، وتحاسب على أدائها".

وأقترح، "أن نعيد الاعتبار إلى أمر جرت ممارسته لعدة أشهر في الحكومة الأولى التي توليتها في العام 2005، وهي العودة إلى أسلوب المحاسبة الأسبوعية للحكومة اللبنانية على النسق الذي يحصل في الكثير من الديموقراطيات الأساسية بالعالم في أن تكون هناك محاسبة أسبوعية للحكومة، لأنّه عندما تجري المحاسبة للمسؤول، وعندها يصبح المسؤول أكثر وعياً ومحاسبةً لنفسه، وأكثر حرصاً على أن يؤدي عمله بشكل سليم. لذا، يجب أن يعود الدور للمعارضة الصحيحة والواعية لأنه لا يستقيم الحكم إذا لم تكن هناك معارضة سليمة وقوية".

سئل: ممكن ان نراك رئيس وزراء؟ اجاب: "نحن الآن نريد أن نستعيد الحكم الصحيح في دولة عادلة وقادرة. وموضوع رئاسة الوزراء متروك للنواب من خلال الاستشارات النيابية الملزمة. الحقيقة ان هذا الموضوع بكير البحث فيه وأنا لست ساعيا لذلك".