اعترافات وئام وهاب تهز لبنان.. هل يتحرك القضاء قبل سقوط هيبة الدولة؟

بقلم الكاتب و الباحث السياسي عبد الحميد عجم

اعترافات وئام وهاب تهز لبنان.. هل يتحرك القضاء قبل سقوط هيبة الدولة؟

في تصريح فاق كل التوقعات وأشعل الجدل على الساحة اللبنانية، كشف رئيس حزب "التوحيد العربي" وئام وهاب خلال مقابلة مع قناة "الجديد" عن دوره كوسيط في نقل رسائل بين إسرائيل والنظام السوري السابق عبر طرف غربي ثالث. التصريح الذي جاء صادماً، أثار موجة غضب عارمة ووضع الدولة اللبنانية أمام تحدٍّ قضائي وأخلاقي يتطلب تحركاً عاجلاً.

وهاب، الذي لم يكتفِ بالاعتراف بهذا الدور، قدّم نصيحة صريحة إلى بشار الأسد بضرورة "التطبيع مع إسرائيل"، مضيفاً أنه نقل الرسائل إلى ماهر الأسد شقيق بشار، لأن "الغرب يعتبر أن بشار يكذب". تصريحات وصفها مراقبون بأنها سابقة خطيرة تتعارض مع كل الأعراف الوطنية والقوانين اللبنانية التي تجرّم أي تعامل مع العدو الإسرائيلي، ولو عبر وسيط.

الأخطر من ذلك، كان تأكيد وهاب أنه مستعد للتعامل مع الشيطان لحماية عشيرته، مستبيحاً في هذا السياق كل المحرمات الوطنية والحدود القانونية التي تُعتبر ركناً أساسياً في النظام اللبناني. كما اعتبر أن "الأمة لا تريد الحرب" ودعا علناً إلى السير في طريق السلام مع إسرائيل، مُنظّراً لما وصفه بـ"نهاية المحور" بعد اغتيال قاسم سليماني وحسن نصر الله.

 

التداعيات القانونية لتصريحات وهاب

ما قاله وئام وهاب يُعدّ، وفق الدستور اللبناني والقوانين المرعية الإجراء، جريمة واضحة تتطلب تحرك القضاء فوراً.

 

1. المادة الثانية من قانون مقاطعة إسرائيل (1955):

تنص بوضوح على أنه يُحظر على أي لبناني عقد أي اتفاق أو نقل رسائل، مباشرة أو غير مباشرة، مع الكيان الإسرائيلي.

 

2. المادة 285 من قانون العقوبات اللبناني:

تنص على معاقبة كل لبناني يثبت عليه التعامل مع العدو الإسرائيلي بالأشغال الشاقة المؤقتة وغرامات مالية.

 

3. المادة 278 من قانون العقوبات:

تعاقب كل من يتصل بدولة أجنبية أو بمندوب عنها لمعاكسة مشاريع الدولة اللبنانية أو منافستها.

من هنا، فإن تصريحات وهاب قد تضعه تحت طائلة هذه المواد القانونية، إذا ثبتت صحة دوره كوسيط ناقل للرسائل، سواء عبر طرف غربي أو بشكل مباشر.

القضاء اللبناني، الذي يُفترض أن يكون الحارس الأمين على سيادة البلاد وتطبيق القوانين، اليوم أمام اختبار حقيقي. هل سيتحرّك لاستدعاء وهاب وفتح تحقيق شفاف لكشف الحقيقة، أم ستُدفن هذه القضية كما دُفنت غيرها تحت وطأة الحسابات السياسية؟

إن صمت القضاء في مثل هذه القضايا يُعدّ تواطؤاً صامتاً لا يمكن القبول به. فالتعامل مع إسرائيل، بأي شكل كان، ليس مجرد تجاوز للقانون، بل هو خيانة وطنية تُهدّد أمن البلاد واستقرارها وتُسيء إلى تضحيات آلاف الشهداء الذين سقطوا دفاعاً عن لبنان في مواجهة الاحتلال.

تصريحات وهاب، التي جاءت في زمن بالغ الحساسية، أثارت ردود فعل شعبية غاضبة، معتبرةً أن هذه الأقوال تُسيء للبنان كله وللقيم الوطنية التي قامت عليها الدولة. المواطنون اليوم يسألون بوضوح:

هل هناك حصانة تُغطي من يُعلن التعامل مع العدو الإسرائيلي؟

أين النيابة العامة من هذه التصريحات التي تُهدّد السيادة؟

هل يُطبّق القانون على الجميع أم أن البعض فوق المساءلة؟

إن الغضب الشعبي ليس مجرد موقف عابر، بل هو رسالة واضحة بأن لبنان لا يزال متمسكاً بثوابته الوطنية، وأن كل من يتجاوزها يجب أن يُحاسب وفق القانون، بعيداً عن المساومات السياسية.

القضاء اللبناني اليوم أمام فرصة تاريخية لترجمة مبدأ "لا أحد فوق القانون" إلى واقع ملموس. تصريحات وئام وهاب، التي تُعتبر خروجاً صارخاً عن القوانين اللبنانية والدستور، لا يمكن أن تمرّ مرور الكرام. المطلوب تحقيق فوري وعاجل يكشف الحقائق ويضع النقاط على الحروف.

إن أي تهاون في هذه القضية سيُشكّل ضربة قاسية لثقة اللبنانيين بدولتهم وقضائها. فهل نرى قريباً تحركاً قضائياً يعيد الاعتبار للوطن وسيادته؟ الأيام المقبلة ستكشف ما إذا كان القضاء اللبناني قادراً على الوقوف في وجه هذه التحديات الكبرى.

هذه القضية ليست مجرد تصريح عابر، بل اختبار حقيقي لسيادة الدولة وعدالة القضاء. كل الأنظار اليوم تتجه إلى النيابة العامة: هل تتحقق العدالة أم يبقى الصمت سيد الموقف؟