جوزيف عون يُشعل الأمل في خطاب القسم: الحياد الإيجابي، احتكار السلاح، وإعادة لبنان إلى خارطة العالم
بقلم الكاتب و الباحث السياسي عبد الحميد عجم
حمل خطاب القسم الذي ألقاه الرئيس اللبناني الجديد جوزيف عون أبعاداً وطنية ملهمة ورسائل سياسية جريئة تشكّل نقطة تحول في مسار الجمهورية اللبنانية. هذا الخطاب، الذي نال إشادة واسعة من مختلف الأطياف اللبنانية، أعاد الأمل ببدء مرحلة جديدة تعيد للبنان بريقه الذي أطفأته الأزمات المتلاحقة.
أكد الرئيس عون في خطابه التزامه بمبدأ "الحياد الإيجابي" الذي يعتبر سابقة في خطاب الرؤساء اللبنانيين منذ مطلع الجمهورية الثانية. تجاهل مصطلحات اعتاد اللبنانيون سماعها مثل "المقاومة"، وأعلن بصراحة أن حق الدولة في احتكار السلاح ليس خياراً بل ضرورة لبناء دولة القانون. هذه الرسائل لم تكن مجرد شعارات، بل التزاماً واضحاً بإعادة هيبة الدولة وتفعيل عمل المؤسسات، خاصة الجيش والقضاء.
"لا تدخل في القضاء، ولا حصانة لمجرم أو فاسد"، بهذه الكلمات وضع عون أسس عهده. وعد بالتعاون مع الحكومة المقبلة لإقرار قانون استقلالية القضاء، ما يعكس نية صادقة لتفعيل العدالة كوسيلة أساسية لاستعادة ثقة المواطنين.
في خطوة جريئة، أكد عون عزمه إعادة هيكلة الإدارة العامة وإجراء مداورة في وظائف الدولة العليا، مما يدل على رؤية متقدمة لتوزيع عادل للفرص ومحاربة المحسوبية.
ركز خطاب القسم على تعزيز الجيش اللبناني كحامي الوطن الوحيد. أعلن عون استثماراً جديداً في المؤسسة العسكرية، بدءاً من ضبط الحدود وترسيمها، إلى مناقشة استراتيجية دفاعية شاملة تشمل البعد الدبلوماسي والعسكري والاقتصادي.
كما شدد على رفض الاحتلال الإسرائيلي والتوطين الفلسطيني، ودعا إلى حوار ندّي مع سوريا لحل القضايا العالقة، بما يعكس حرصه على سيادة لبنان ومصالحه الوطنية.
في محور الاقتصاد، أعلن الرئيس التزامه بحماية أموال المودعين وتطوير قوانين الانتخابات وتعزيز اللامركزية الإدارية. ركّز عون على بناء اقتصاد يحترم المواطن، يعيد بناء المصارف تحت سيادة القانون، ويعزز الحماية الاجتماعية والاستثمار في العلم والإعلام.
ختم الرئيس عون خطابه برسالة عاطفية قال فيها: "مهما اختلفنا فإننا عند الشدة نحضن بعضنا البعض، وإذا انكسر أحدنا انكسرنا جميعاً." كلمات تعكس عمق الالتزام تجاه وطن تمزقته الأزمات ولكنه لم يفقد الأمل في النهوض.