ماك أليستر الوريث الشرعيّ لإنييستا
في كل فريق يبرز بعض النجوم الذين يجذبون الأنظار ويتصدرون عناوين الإعلام، بينما يبقى هناك آخرون يلعبون دوراً حيوياً وراء الكواليس، من دون أن ينالوا القدر الكافي من الاهتمام رغم أهميتهم في تقديم الفريق بأفضل صورة؛ وهم من يُطلق عليهم "الجنود المجهولون"؛ وهذا الوصف ينطبق تماماً على الأرجنتيني ألكسيس ماك أليستر.
يعيش ليفربول حالة من الانتعاش هذا الموسم بقيادة نجمه الأوّل محمد صلاح، و"برعاية" فيرجيل فان دايك، وتحت أنظار المدرب الهولندي آرني سلوت الذي جعل من الـ"ريدز" فريقاً مرعباً والأكثر شراسة، ليس فقط على مستوى الدوري الإنكليزي، بل في قارة أوروبا بأكملها.
لم يعتمد آرني سلوت في تكتيكه المبتكر وفكره الاستثنائي، الذي أوصل ليفربول إلى هذا المستوى، على صلاح وفان دايك فقط، بل بنى منظومة تكتيكية متقنة من الطراز الأوّل، تبدأ من حارس المرمى وتنتهي عند المهاجم.
وقد كان العقل المحرّك الأساسي للفريق عاملاً مهماً في إنجاح هذه الخطة، الذي أثبت أنّ كرة القدم تُلعب بالعقل قبل المهارة والأقدام، وهنا يبرز دور ألكسيس ماك أليستر، الذي يمكن اعتباره القطعة الأساسية التي يعتمد عليها سلوت.
يتميز ماك أليستر بأسلوب لعب يشبه إلى حد كبير أسلوب "الرسام" آندريس إنييستا، الذي يُعتبر واحداً من أعظم لاعبي خط الوسط في التاريخ، والذي اشتهر بلمساته الساحرة وقدرته الفريدة على قراءة الملعب.
وفي وقت افتقدت فيه كرة القدم متعتها بصورة كبيرة، حيث اعتمد معظم اللاعبين على السرعة والمهارة في الأقدام، يبرز نموذج آخر فريد من نوعه مثل ماك أليستر.
أظهر هذا اللاعب بحنكته أنّ التحوّل من الدفاع إلى الهجوم وبناء الهجمات الخطيرة لا يتطلب بالضرورة تمرير الكرات بسرعة أو إرسالها إلى الأمام مباشرة. وبدلاً من ذلك، يعتمد الأمر على سرعة التفكير أكثر من مجرّد أداء بدني مع رؤية دقيقة للملعب.
وهنا يتجلّى تميّز ماك أليستر في ذكائه داخل الملعب وقدرته على القراءة الشاملة لكلّ زاوية، وحضوره الذهني الذي لا يفقده طوال الدقائق الـ90 في المباراة ما يجعله يشبه "الرادار" القادر على مسح الميدان بأكمله، وهو ما يساعده في اتخاذ القرار المثالي، ليكون العنصر الحاسم في ليفربول الذي يترك بصمته دائماً من دون إحداث أيّ ضجيج.
ومثلما يشكر الجميع مَن جلب آرني سلوت لتولّي القيادة الفنية لليفربول، من الضروري أيضاً توجيه كلّ عبارات التقدير والثناء للشخص الذي نجح في اكتشاف لاعب استثنائي وموهبة كادت أن تضيع، وكنزاً حقيقاً كاد أن يُدفن مبكراً، مثل ماك أليستر.
لم يُحقّق هذا اللاعب النجاح في تجربته الأولى بالدوري الإنكليزي مع برايتون، وعاد إلى الدوري الوطني في بلاده، إلّا أنّه عاد إلى الـ"بريميرليغ" من بوابة ليفربول ليصبح الوريث الشرعيّ لإنييستا.