ألمانيا لـ«شد الحزام» وتتجنب زيادة الضرائب
أشار وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر إلى أن الحكومة ستحتاج إلى توفير مبلغ في خانة العشرات من المليارات من اليورو للمساعدة في حل أزمة الميزانية، على الرغم من أن بيانات يوم الجمعة أظهرت انكماش النمو في أكبر اقتصاد في أوروبا.
ويخطط ليندنر لرفع القيود المفروضة ذاتياً على الاقتراض، وتقديم ميزانية تكميلية الأسبوع المقبل، بعد أن قضى حكم المحكمة الدستورية بوقف تحويل مليارات من الميزانية الفيدرالية، وأجبر الحكومة على تجميد معظم التزامات الإنفاق الجديدة.
وأثار حكم المحكمة، الذي منع الحكومة من تحويل أموال الوباء نحو المشاريع الخضراء وإعانات الصناعة، تحذيرات من أن الشركات الألمانية قد تُحرم من الدعم للحفاظ على قدرتها التنافسية على مستوى العالم.
ومن أجل الاستمرار في دعم الصناعة، استبعد ليندنر، المتشدد مالياً، زيادة الضرائب، وقال إنه يجب إيجاد المدخرات في أماكن أخرى، مدعومة بإصلاح دولة الرفاهية. وقال ليندنر لصحيفة «هاندلسبلات» الألمانية في مقابلة: «نحن نتحدث عن حاجة إضافية كبيرة للدمج». وأضاف: «نحن نتحدث عن مليارات من رقمين، على سبيل المثال لتنفيذ الخطط الطموحة لتجديد البنية التحتية والاستثمار في التكنولوجيا». وأضاف: «في مرحلة انخفاض الديناميكية الاقتصادية، يجب أن يكون الهدف هو تخفيف العبء عن المواطنين والشركات».
ومن المقرر أن تقترح حكومة المستشار أولاف شولتس رفع كبح الديون، الذي يحد من العجز الهيكلي في ميزانية ألمانيا إلى ما يعادل 0.35 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، من خلال اقتراح «وضع طوارئ» على البرلمان لعام 2023.
وجرى تعليق آلية كبح الديون، التي تم تقديمها بعد الأزمة المالية العالمية 2008 - 2009، لأول مرة في عام 2020 لمساعدة الحكومة على دعم الشركات والأنظمة الصحية خلال التداعيات الاقتصادية لـ«كوفيد - 19». وكان ليندنر متردداً في تعليق آلية كبح الديون؛ لأن حزبه يدافع بقوة عن الانضباط المالي، لكنه تراجع بعد أن فرضت اضطرابات الميزانية مزيداً من الضغط على الائتلاف الحاكم المنقسم.
وأثارت الأزمة دعوات لإصلاح نظام كبح الديون. وانتقد وزير الاقتصاد روبرت هابيك من حزب «الخضر» المؤيد للإنفاق هذا القانون، ووصفه بأنه غير مرن ويمنع الدعم الحيوي للصناعة لمنع الوظائف، وخلق القيمة من الانتقال إلى الخارج.
وسط تصفيق حار في مؤتمر لحزب «الخضر»، تساءل هابيك عما إذا كان كبح الديون قابلاً للتطبيق في أوقات متغيرة «عندما لم تكن حماية المناخ تؤخذ على محمل الجد، وكانت الحروب شيئاً من الماضي، وكانت الصين منضدة عملنا الرخيصة». وأضاف: «مع كبح الديون كما هي الحال، فقد قيدنا أيدينا طواعية خلف ظهورنا، وسنذهب إلى مباراة ملاكمة. هل هذه هي الطريقة التي نريد الفوز بها؟ الآخرون لديهم حدوات خيول ملفوفة في قفازاتهم، ونحن لا نمتلك حتى أسلحتنا حرة. ومن الواضح كيف سينتهي الأمر».
وأظهر استطلاع للرأي أجرته هيئة الإذاعة «زد دي إف» أن أقلية من الألمان فقط، 35 بالمائة، أيدت تعليق كبح الديون، مقارنة بـ61 بالمائة يريدون بقاءه كما هو. وأراد نحو 57 بالمائة تغطية العجز في الميزانية الناجم عن حكم المحكمة من خلال خفض الإنفاق، وفضل 11 بالمائة زيادة الضرائب، بينما 23 بالمائة أرادوا أن تتحمل الدولة ديوناً إضافية.
وكانت ألمانيا من بين أضعف الاقتصادات في أوروبا هذا العام، حيث أثر ارتفاع تكاليف الطاقة، وضعف الطلب العالمي، وارتفاع أسعار الفائدة. وأظهرت بيانات يوم الجمعة أن اقتصادها انكمش في الربع الثالث.
وقال معهد إيفو إن معنويات الشركات الألمانية تحسنت للشهر الثالث على التوالي في نوفمبر (تشرين الثاني)، مضيفاً أنه لم يكن هناك أي تأثير في الوقت الحالي من حكم المحكمة.
وقال نائب الرئيس الاقتصادي للمعهد توماس غيتزل: «السؤال الذي يطرح نفسه بطبيعة الحال هو ما إذا كان الارتفاع في مؤشر إيفو لمناخ الأعمال هو مجرد ومضة في الأفق أم أنه يمثل تحولاً نحو الأفضل؟ لا نريد حقاً أن نصدق ذلك». وأضاف غيتزل أن إجراءات التقشف المحتملة الناجمة عن قرار المحكمة: «لا تسهم بالضبط في زيادة الثقة بالتنمية الاقتصادية المستقبلية».
ومن جهة أخرى، منع مجلس الاتحاد الألماني (المجلس الأعلى للبرلمان)، يوم الجمعة، حزمة إعفاءات ضريبية بمليارات الدولارات للشركات الصغيرة والمتوسطة، تهدف إلى إطلاق العنان لاستثمارات جديدة وسط ضعف الطلب الأجنبي وارتفاع أسعار الفائدة.
وصوتت أغلبية واضحة من أعضاء المجلس الاتحادي (البوندسرات)، الذي يتألف من الولايات الفيدرالية الست عشرة، لصالح إحالة الحزمة التي يطلق عليها قانون فرص النمو، إلى لجنة وساطة برلمانية. ولم يتضح يوم الجمعة متى ستجتمع هذه اللجنة، وما هو الحل الوسط بشأن الحزمة التي تنص على إعفاء ضريبي بنحو 7 مليارات يورو.
وكان من المتوقع أن تواجه الحزمة معارضة في البوندسرات بعد أن وافق عليها مجلس النواب (البوندستاغ) الأسبوع الماضي، حيث ستتحمل الولايات الفيدرالية والبلديات النقص المتوقع في عائدات الضرائب إلى حد كبير.
وينص القانون على حصول الشركات على دعم حكومي بنسبة 15 بالمائة من إجمالي استثماراتها في تدابير حماية المناخ، ويمنح مجالاً أكبر لتعويض الخسائر مقابل الأرباح وتعويض تكاليف الاستهلاك لفترة زمنية محدودة للأصول المنقولة والمباني السكنية.