من المقاومة إلى الاستنزاف: متى تعود الطائفة الشيعية إلى حضن الوطن؟

بقلم الباحث والكاتب السياسي عبد الحميد عجم

من المقاومة إلى الاستنزاف: متى تعود الطائفة الشيعية إلى حضن الوطن؟

على مدى العقود الماضية، ارتبط اسم الطائفة الشيعية بسلاح حزب الله، الذي رُوّج له كدرع للبنان ومقاومته. لكن، مع تصاعد الأزمات السياسية والاقتصادية، بات واضحًا أن هذا السلاح تجاوز دوره الوطني ليصبح عبئًا على الطائفة الشيعية نفسها. اليوم، أمام أبناء هذه الطائفة فرصة تاريخية لإعادة رسم مسارهم: العودة إلى الدولة والدستور، والتخلص من السلاح الذي لم يعد يحمي لبنان، بل يخدم مصالح خارجية.

 

خسائر السلاح: دمار الطائفة لا حمايتها

 

أرقام لا يمكن تجاهلها:

 

خلال حرب مع إسرائيل، قُتل أكثر من 3300 شخص، و14الف جريح معظمهم من أبناء الطائفة الشيعية.

نزح نحو مليون مواطن شيعي، تاركين قراهم ومنازلهم في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية، التي تحولت إلى أنقاض.

 

تعرضت البنية التحتية في مناطق الشيعة لأضرار جسيمة، مما جعل إعادة الإعمار تحديًا شبه مستحيل.

 

هذه الخسائر، التي يُفترض أنها ثمن المقاومة، دفعت الطائفة نحو عزلة متزايدة، محليًا ودوليًا. فالسلاح الذي كان يُبرر بأنه "للدفاع عن لبنان" أصبح وسيلة لتحقيق أجندات إيرانية، زجت بشباب الطائفة في حروب خارج الحدود، من سوريا إلى اليمن.

 

السلاح الإيراني... وأثمان الطاعة:

يجب أن تواجه بيئة حزب الله حقيقة أن السلاح لم يعد وسيلة لحماية الشيعة، بل أصبح رمزًا لاستنزافهم. هذا السلاح يخدم طهران أولًا، لا بيروت.

 

حروب إقليمية: تورط حزب الله في صراعات لا تخدم لبنان ولا مصلحة أبنائه، كالمشاركة في الحرب السورية ودعم الحوثيين في اليمن.

 

عقوبات دولية: دعم الحزب لمشاريع إيران العسكرية جعل لبنان هدفًا للعقوبات، مما زاد من عزلة البلاد ودفع ثمنها المواطن الشيعي بشكل خاص.

 

إضعاف الطائفة: على عكس ما يُروج، لم يوفر السلاح الحماية للشيعة، بل جعلهم وقودًا لصراعات إقليمية، وعرضهم لاستنزاف بشري واقتصادي طويل الأمد.

 

هل حان الوقت للعودة إلى لبنان؟

 

إن تسليم سلاح حزب الله إلى الجيش اللبناني ليس مجرد خطوة سياسية، بل هو الحل الوحيد لحماية الطائفة الشيعية نفسها وضمان مستقبلها. لبنان دولة ذات سيادة، ولا يمكن أن تستمر بسياسة السلاح المزدوج.

 

الدستور هو الضامن: العودة إلى الدولة والدستور تضع الشيعة في قلب المشروع الوطني، بدلًا من عزلتهم الحالية.

 

الجيش هو الحامي: الجيش اللبناني هو المؤسسة الوحيدة التي تستطيع حماية جميع اللبنانيين، بمن فيهم الشيعة.

 

إنهاء العزلة: تسليم السلاح يعيد الطائفة الشيعية إلى موقعها الطبيعي كشريك متكافئ في بناء الوطن.

 

خريطة طريق للطائفة الشيعية: العودة إلى الوطن

 

تسليم السلاح للجيش اللبناني: خطوة أولى نحو استعادة وحدة لبنان وشرعية الدولة.

 

إعادة إعمار المناطق الشيعية: يجب أن تترافق هذه الخطوة مع مشاريع تنموية كبرى تعيد الحياة للجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية.

 

 تعزيز الدور الوطني للشيعة: بالانخراط في مؤسسات الدولة، تؤكد الطائفة الشيعية مكانتها كجزء أصيل من النسيج اللبناني.

 

 إنهاء التبعية لإيران: استقلال القرار الشيعي يعني استقلال لبنان.

 

الطائفة الشيعية تواجه اليوم مفترق طرق تاريخي: إما البقاء رهينة للسلاح ومشاريع الخارج، أو العودة إلى الوطن والدولة. سلاح حزب الله لم يعد وسيلة للمقاومة، بل صار عقبة أمام بناء لبنان. العودة إلى الدولة ليست خيانة للمقاومة، بل هي الخطوة الحقيقية لحماية الوطن وحماية الشيعة أنفسهم.

 

إن الأوطان تُبنى بالسواعد المتحدة، لا بالسلاح المنفرد. لقد حان الوقت للطائفة الشيعية أن تعيد بوصلتها إلى لبنان، ليعود لبنان وطنًا لجميع أبنائه.