نعيم قاسم: تحت سقف الدستور.. هل يسلّم حزب الله سلاحه للدولة؟

بقلم الباحث والكاتب السياسي عبد الحميد عجم

نعيم قاسم: تحت سقف الدستور.. هل يسلّم حزب الله سلاحه للدولة؟

في خطاب حمل رسائل متناقضة، أكد نائب الأمين العام لـ"حزب الله"، الشيخ نعيم قاسم، أن الحزب ملتزم بالدستور اللبناني واتفاق الطائف، مشددًا على أن خطواته السياسية تعمل تحت سقف السيادة اللبنانية. هذا التصريح يفتح باب النقاش حول مصير السلاح غير الشرعي، وما إذا كان الالتزام بالدستور يعني عمليًا حصرية السلاح بيد الجيش اللبناني.

 

الدستور والطائف: الالتزام بالمبادئ يستدعي أفعالاً

 

يشكل اتفاق الطائف القاعدة الأساسية لبناء الدولة اللبنانية، ويؤكد على حصرية السلاح بيد الجيش اللبناني. هذا الالتزام ليس مجرد اختيار، بل ضرورة لضمان سيادة الدولة ووحدتها. أي سلاح خارج إطار المؤسسات الشرعية يشكل خطرًا على الأمن والاستقرار ويضعف ثقة المواطنين في الدولة.

 

إذا كان حزب الله صادقًا في التزامه بالدستور والطائف، فإن ذلك يفرض خطوة واضحة وصريحة تتمثل في تسليم سلاحه للمؤسسات الشرعية، لأن الدستور اللبناني لا يتيح تعدد مصادر القرار العسكري.

 

التناقض بين الميدان والسياسة

 

في كلمته الأخيرة، تحدث الشيخ قاسم عن قوة المقاومة واستعدادها لمعركة طويلة الأمد ضد إسرائيل، مؤكدًا أن المسار العسكري يسير بالتوازي مع المسار السياسي. لكن هذا التناقض يثير تساؤلات جدية: كيف يمكن لحزب يتفاوض سياسيًا تحت سقف الدستور أن يحتفظ بسلاح غير شرعي خارج مؤسسات الدولة؟

 

الدستور اللبناني واضح في رفض أي ازدواجية في القرار السيادي. الدولة اللبنانية، التي يمثلها الجيش، هي المسؤولة الوحيدة عن حماية الوطن والدفاع عنه. الإصرار على الاحتفاظ بالسلاح تحت ذريعة المقاومة يُضعف الدولة ويخلق حالة من الانقسام الداخلي.

 

الجيش والشعب والمقاومة: ثنائية تحتاج إلى مراجعة

 

لطالما روج حزب الله لمعادلة "الجيش، الشعب، والمقاومة" كضمانة لحماية لبنان. لكن الواقع يقول إن بناء دولة قوية ومستقرة يحتاج إلى معادلة مختلفة: "الجيش والشعب والدولة". أي مقاومة خارج هذا الإطار تُضعف مؤسسات الدولة وتجعل سيادتها عرضة للتحديات الداخلية والخارجية.

 

إذا كانت المقاومة تهدف حقًا إلى حماية لبنان، فإن أفضل سبيل لتحقيق ذلك هو وضع سلاحها تحت مظلة الجيش اللبناني، المؤسسة الشرعية التي تمثل جميع اللبنانيين دون استثناء.

 

الرسائل إلى الداخل والخارج

 

تصريحات الشيخ قاسم الأخيرة حملت رسائل مزدوجة. داخليًا، محاولة لطمأنة الشركاء السياسيين من خلال الالتزام بالدستور والطائف. وخارجيًا، تأكيد على قدرة الحزب على الصمود عسكريًا في مواجهة أي اعتداء إسرائيلي. لكن هذه الرسائل تحمل تناقضًا يصعب تجاوزه: كيف يمكن لحزب يدعي الالتزام بالدستور أن يحتفظ بسلاحه خارج نطاق الدولة؟

 

التطلع إلى دولة القانون

 

الالتزام بالدستور يعني أن جميع اللبنانيين، بمختلف انتماءاتهم، متساوون أمام القانون. السلاح الشرعي هو ذلك الذي يحمله الجيش اللبناني، ولا مكان لأي قوة مسلحة أخرى تحت أي ذريعة. بناء لبنان القوي لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال دولة القانون والمؤسسات.

 

إذا كان حزب الله حريصًا على مستقبل لبنان، فإن تسليم سلاحه للجيش هو الخطوة الأولى في هذا الطريق.

 

دعوة للعمل الوطني

 

إلى الشيخ نعيم قاسم: تصريحاتكم حول الالتزام بالدستور واتفاق الطائف تُعد خطوة إيجابية، لكنها تحتاج إلى ترجمة عملية. تسليم السلاح غير الشرعي إلى الجيش اللبناني هو السبيل الوحيد لحماية لبنان ووحدته وسيادته. اللبنانيون ينتظرون منكم أفعالًا تُثبت أنكم جزء من مشروع الدولة لا فوقها.

 

"لبنان يستحق أن يكون قويًا بدولته وشعبه وجيشه، بلا سلاح موازٍ ولا انقسام. الكرة الآن في ملعبكم، فهل أنتم على قدر هذا التحدي الوطني؟"