رؤية جريئة لإنقاذ لبنان: بناء دولة قوية واستعادة الثقة الدولية
بقلم الباحث والكاتب السياسي عبد الحميد عجم
لطالما كان القرار الأممي 1701 محطة محورية في حماية لبنان من النزاعات، لكنه ليس الحل الكافي لمواجهة الأزمات المتشابكة التي تعصف بالبلاد. الرسائل الدولية اليوم، وخصوصاً من الجهات الداعمة، تحمل موقفاً صارماً: لا إعادة إعمار ولا مساعدات مالية من دون دولة لبنانية قوية وشفافة ومستقلة. هذه الرسائل ليست تهديداً بل فرصة للتغيير والإصلاح الجذري.
قرارات شجاعة لمستقبل أفضل
إن إنقاذ لبنان يتطلب جرأة في اتخاذ القرارات وخروجاً عن القيود التقليدية، وفق رؤية تؤسس لدولة حديثة تقوم على ثلاث ركائز أساسية:
.عودة الدولة كمرجعية موحدة:
لا يمكن للبنان أن يستعيد عافيته في ظل الفوضى السياسية وغياب السلطة المركزية. يجب أن تكون الدولة، بدستورها ومؤسساتها، المرجع الأعلى والموحد للشعب، لضمان بناء الثقة المفقودة بين المواطنين ومؤسسات الحكم.
. إحياء اتفاق الطائف بمفهوم جديد:
لا يجب النظر إلى اتفاق الطائف كنص جامد، بل كقاعدة للتطوير والإصلاح بما ينسجم مع متطلبات العصر. إصلاح مؤسسات الدولة ضرورة حتمية لتحقيق طموحات اللبنانيين وتجاوز الجمود السياسي.
معالجة الداخل أولاً:
لا استقرار خارجي من دون إصلاح داخلي شامل. الجنوب، ورغم الجهود الدولية المبذولة، لن يعرف الهدوء ما لم يتم بناء نظام سياسي متماسك يدعم الحوار الوطني بعيداً عن الطائفية والمصالح الضيقة.
"حزب الله" وأولوية المصلحة الوطنية
بصفته أحد أبرز القوى السياسية والعسكرية في البلاد، يقع على عاتق "حزب الله" دور محوري في إعادة صياغة الأولويات. الأزمة الحالية أثرت بشكل كبير على بيئة الحزب الشعبية، مما يجعل اللحظة الحالية مناسبة لاتخاذ قرارات جريئة تعيد التوازن بين الالتزام بالمقاومة وبين المصلحة الوطنية العليا، بما يعزز وحدة البلاد واستقرارها.
دور المجتمع الدولي: فرصة لا تهديد
في ظل التحولات الجيوسياسية العالمية، خصوصاً مع التغيرات المرتقبة في السياسة الأميركية، تواجه لبنان تحديات إضافية. المواجهة مع إسرائيل تتطلب دبلوماسية نشطة وموقفاً وطنياً موحداً. الدعم الدولي للبنان مشروط، والمعادلة واضحة: الدول الكبرى لن تدعم سوى دولة لبنانية قادرة على الحكم بكفاءة وشفافية.
اليوم... قرارات شجاعة، وغداً... تكلفة أقل
الاستمرار في التردد والانتظار لن يؤدي إلا إلى تعميق الأزمة وصولاً إلى الانهيار التام. الحل الوحيد يكمن في إعادة بناء مؤسسات الدولة لتكون الملاذ الآمن لكل اللبنانيين، بغض النظر عن انتماءاتهم أو طوائفهم.
دعوة للتغيير
لبنان القوي يبدأ بعودة الدولة كمرجعية عليا. فلنجعل من هذا الهدف طموحاً مشتركاً، ونقطة انطلاق لجيل جديد يؤمن بالإصلاح والتقدم، ويعمل من أجل بناء مستقبل يعكس تطلعات الشعب اللبناني وآماله.
معاً نحو لبنان جديد... لبنان الأمل والاستقرار.