صراع النفوذ الإقليمي: إسرائيل ترفض الوساطة الفرنسية ولبنان يواجه الضغوط

بقلم الباحث والكاتب السياسي عبد الحميد عجم

صراع النفوذ الإقليمي: إسرائيل ترفض الوساطة الفرنسية ولبنان يواجه الضغوط

في تطور جديد يُلقي بظلاله على المشهد الإقليمي، أفادت "القناة 12 الإسرائيلية" أن إسرائيل تعارض بشدة مشاركة فرنسا في أي اتفاق تسوية مع لبنان أو في أي لجنة دولية متصلة بهذا الملف. هذا الموقف جاء نتيجة لمواقف إدارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التي تعتبرها إسرائيل "مناهضة" لسياستها، مما يُظهر صراعاً خفياً حول النفوذ الدولي في المنطقة.

 

بحسب القناة ذاتها، تشير تقارير إلى أن هناك قبولاً لبنانياً مشروطاً للرسالة الأمريكية التي تؤيد "حرية إسرائيل في التحرك ضد التهديدات المباشرة". لكن لبنان سبق وأبدى رفضه لهذا الموقف وأكد تقديم ملاحظاته عليه، مما يعكس تبايناً كبيراً في المواقف بين الأطراف المعنية، خصوصاً مع إصرار إسرائيل على فرض شروطها.

 

النقاط الحدودية: باب مغلق للمفاوضات؟

 

أحد أكثر النقاط إثارة للجدل، بحسب "القناة 12"، هو مطلب إسرائيل بإدراج صيغة واضحة في أي اتفاق تضمن حقها في الامتناع عن التفاوض حول النقاط الحدودية المتنازع عليها مع لبنان. هذا الطلب يزيد من تعقيد مسار المفاوضات، ويضع علامات استفهام حول إمكانية التوصل إلى حل يرضي جميع الأطراف.

 

وفي سياق متصل، نقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن مسؤول عسكري إسرائيلي قوله إن "إسرائيل تريد إنهاء الحرب في لبنان، لكنها لا ترى داعياً للاستعجال بالتسوية". ولفت المسؤول إلى أن الضربات الحالية ضد حزب الله باتت أشدّ من ذي قبل، مع إمكانية تصعيدها إذا استدعت الضرورة. هذه التصريحات تكشف عن استراتيجية إسرائيلية تعتمد على الضغط العسكري لتحقيق مكاسب سياسية، مع إبقاء باب التسوية مفتوحاً بشروطها الخاصة

 

يبدو أن إسرائيل تسعى لتعزيز موقعها في مواجهة حزب الله ولبنان، مستفيدة من الدعم الأمريكي ومُبعدة أي تدخل فرنسي قد يُعقّد خططها. في المقابل، يواجه لبنان ضغوطاً هائلة لتقديم تنازلات، وسط تراجع دولي في دعمه وصعوبة الحفاظ على خطوطه الحمراء.

 

هذا التوتر الجديد يُبرز كيف تتحول المفاوضات إلى ساحة معركة دبلوماسية وعسكرية، تتداخل فيها المصالح الدولية مع الإقليمية. ومع استمرار التصعيد الإسرائيلي، يظل السؤال الأهم: هل ستنجح الأطراف في كسر الجمود أم أن المنطقة أمام فصل جديد من النزاعات؟