لبنان في قبضة الأوهام: لعبة حزب الله الخطرة
بقلم الباحث والكاتب السياسي عبد الحميد عجم
«حزب الله»، في محاولته المتهورة لفرض ما أسماه بـ«وحدة الساحات»، انطلق في مغامرة غير محسوبة العواقب، مدفوعاً بأوهام تحقيق انتصار يمنحه القدرة على تعزيز قبضته على لبنان ومؤسساته تحت غطاء المقاومة. لكن هذه الخطوة قفزت بالبلد نحو المجهول، حيث تجاهل الحزب تماماً أن ما بعد السابع من أكتوبر يختلف بشكل جذري عما قبله، في الداخل والخارج.
اليوم، يسعى «حزب الله» للحصول على أي نص أو تصريح من المبعوث الأميركي، يستطيع من خلاله تسويق انتصار رمزي، شبيه بـ«النصر الإلهي» الذي أعلنه سابقاً. وعلى المنوال ذاته، يتحرك معظم الساسة اللبنانيين، الذين يبحثون بدورهم عن إنجازات شكلية تعيدهم إلى المشهد، غافلين أن قواعد اللعبة تغيرت، وأن محاولاتهم للبقاء تعتمد الآن على شعارات جوفاء لا تقنع الشارع ولا الشركاء الإقليميين.
ما يزيد المشهد غرابة هو توصيف أحد المسؤولين اللبنانيين الكبار عندما قال: «في لبنان، نقول شيئاً، نفكر في شيء آخر، ونفعل عكسهما تماماً». هذه المقاربة، التي أصبحت أسلوب حياة سياسي في لبنان، أوصلت البلد إلى أزمات متلاحقة، وسط انشغال العاقلين في المنطقة بترميم الاستقرار وحماية الأرواح والمقدرات.
لكن السؤال الأهم: هل الأزمة تقتصر على لبنان وإسرائيل؟ بالطبع لا. الأطراف التي بحثت عن نفوذ زائف أو أدوار وهمية تجد نفسها اليوم أمام مأزق متصاعد، تُجبر فيه على البحث عن حلول تحفظ ماء الوجه، بعد أن فقدت السيطرة على سردياتها القديمة.
في هذا السياق، يجب ألا تضللنا الحملات الإعلامية الموجهة، التي تُطلقها غرف التضليل في المنطقة من جميع الجهات. فالوقائع على الأرض تؤكد الخسائر المدوية، سواء العسكرية أو السياسية أو الاقتصادية، وهي حقائق صارخة لا يمكن تغطيتها بشعارات فارغة أو تبريرات مصطنعة.
لبنان اليوم أمام مفترق طرق حاسم؛ فلا المسكنات السياسية كافية ولا المناورات الكلامية تجدي. الوقت يتطلب شجاعة في مواجهة الحقائق، وبناء أسس جديدة تحترم تطلعات الشعب اللبناني ومكانة الدولة، بعيداً عن الوهم والانتصارات المزيفة.