علماء: الميكروبات يمكنها منع ظاهرة الإحتباس الحراري

علماء: الميكروبات يمكنها منع ظاهرة الإحتباس الحراري

صرحت مؤسسة العلوم الروسية لوكالة "سبوتنيك"، بأن علماء من روسيا، وبالتعاون مع زملائهم الأجانب، استنتجوا أن التنوع الكبير للكائنات الحية الدقيقة التي تعيش في منطقة التربة الصقيعية يمكن أن يقلل بشكل كبير من معدل ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي على سطح الأرض.

ومن عام 1750 إلى عام 2020، ارتفع متوسط درجة الحرارة على سطح الأرض بنحو درجة واحدة، ولكن في المناطق الدائمة التجمد، ارتفعت درجة الحرارة بمتوسط يصل إلى أربع درجات على مدى السبعين عاما الماضية وحدها، ويفسر ذلك حقيقة أنه عندما يذوب الجليد الدائم تتشكل ظروف مواتية في التربة لتطوير المجتمعات الميكروبية التي تعالج الكربون القديم الذائب إلى غاز الميثان، ويدخل الغاز الدفيء هذا بدوره إلى الغلاف الجوي ويسهم في زيادة الاحترار.

في الوقت ذاته، يعد الميثان أكثر خطورة من ثاني أكسيد الكربون من حيث الاحترار، لأن كمية الميثان المطلوبة لارتفاع درجة الحرارة بمقدار درجة واحدة، أقل بـ17 مرة من كمية ثاني أكسيد الكربون. وبالتالي، فإن النشاط الميكروبي في مناطق التربة الصقيعية قد يؤثر على معدل الاحترار، لكنه لا يؤخذ في الاعتبار في التوقعات الحالية.

وقام باحثون من شركة "مركز البحث العلمي والتطوير" في فيليكي نوفغورود ومن جامعة سانت بطرسبورغ الحكومية للتقنيات الصناعية والتصميم ومعهد العلوم الميكانيكية التابع للأكاديمية الروسية للعلوم (في سانت بطرسبورغ) مع زملاء من جامعة كاليفورنيا وجامعة هوارد (الولايات المتحدة الأميركية)، بتحليل كيفية تأثير عدد من أنواع الكائنات الحية الدقيقة في التربة على معدل ذوبان التربة الصقيعية ومعدل الاحترار. واستخدم الباحثون ما يسمى بنموذج "جودي" الرياضي، الذي يحاكي ديناميكيات الغلاف الجوي للكوكب.

وفي هذا النموذج يعتبر الغلاف الجوي عبارة عن مجموعة من الخلايا الفردية التي يدور فيها الهواء، يسخن الهواء ثم يبرد في الأسفل، بالقرب من سطح الأرض، ويعود إلى الأرض مرة أخرى. قام الباحثون بتوسيع نموذج "جودي" من خلال تقديم وظائف رياضية تصف تدفق غازات الدفيئة التي يتم تصنيعها بواسطة البكتيريا، لفهم كيفية تأثر هذا النظام بغاز الميثان الذي تطلقه الكائنات الحية الدقيقة في التربة الصقيعية.

درس العلماء حالتين: عندما يكون تنوع ميكروبات التربة الصقيعية منخفضاً، وعلى العكس من ذلك، عندما يكون مرتفعاً. وفي الوقت ذاته، أخذ العلماء في الاعتبار أن كل نوع من الكائنات الحية الدقيقة له درجة حرارته المثالية للحياة. أي أنه عندما يذوب الجليد الدائم وتصل درجة حرارة الأرض إلى قيمتها المثلى، تبدأ البكتيريا في النمو بشكل نشط وتطلق كميات كبيرة من الميثان.

أظهرت الحسابات أنه إذا لم يتجاوز تنوع الكائنات الحية الدقيقة ثلاثة أنواع (ما يعني أن درجة الحرارة المثلى لها هي نفسها تقريباً)، فإن النظام يصبح غير مستقر للغاية. في هذه الحالة يجب أن نتوقع بداية إطلاق كميات كبيرة من غاز الميثان في الغلاف الجوي، وبالتالي ارتفاع درجات الحرارة بشكل حاد، أما عندما يكون هناك العديد من أنواع البكتيريا، تختلف درجات الحرارة المثلى لها، لن يكون هناك إطلاق مفاجئ للغازات الدفيئة.

بالإضافة إلى ذلك، لاحظ العلماء أنه مع التنوع الميكروبي العالي، فإن النظام يكون مستقرا لأن الأنواع المختلفة تتنافس مع بعضها بعضا وتقمع نمو بعضها بعضا جزئياً، وهذا يمنع أيضًا النمو المكثف للأفراد والانبعاث الهائل لغاز الميثان.

وقالت إيلينا سافينكوفا، إحدى المشاركات في الدراسة: "لقد تمكنا من إثبات أن اللحظة التي يمكن أن تحدث فيها قفزة حادة في درجة الحرارة على سطح الأرض تعتمد على التنوع الميكروبي، ويتم تحديد ذلك من خلال الرطوبة ودرجة الحرارة ومحتوى العناصر الغذائية وحموضة التربة، وعلى الرغم من أننا لا نستطيع التأثير على التنوع الميكروبي، فإن هذا الأمر يجب أن يؤخذ في الاعتبار عند وضع توقعات الاحترار".

وأضافت: "النماذج الحالية لا تأخذ في الاعتبار نشاط الكائنات الحية الدقيقة في التربة الصقيعية، ولكن إذا تم تضمين هذا العامل فيها، فيمكن تصحيح درجات الحرارة المتوقعة بعدة درجات، بحلول عام 2100، وهو أمر مهم للغاية. في المستقبل، نخطط لأن ندرس الاختلافات الموجودة بين الأنواع المختلفة من الكائنات الحية الدقيقة، بحيث يصبح من الممكن تقييم المساهمة التي يقدمها التنوع الميكروبي المنخفض والمرتفع في ظاهرة الاحتباس الحراري".