إعادة استخدام النفايات تبرز في أعمال فنية يحتضنها معرض في باريس
إعادة استخدام النفايات تبرز في أعمال فنية يحتضنها معرض في باريس
ولطالما استقبلت المتاحف خلال القرن العشرين معارض تندد بالاستهلاك المفرط، بينها سيزار وهياكل السيارات المضغوطة، وأرمان وأغراضه المكدّسة، وآندي وارهول وشعاراته المحورة لماركات حساء ومنظفات غسيل.
ويتناول معرض "النفايات الثمينة" المقام حتى مطلع أيلول، مسألة الاستهلاك من خلال ملابس قابلة للتحلل الحيوي مصنوعة من أعشاب البحر أو تصميم أثاث مستوحى من سقالات مواقع البناء المرمية.
واستُخدمت نحو مئتي قطعة معاد تدويرها من النفايات ضمن 75 مشروعاً أصلياً لإعادة التدوير أنجزها مصممون هولنديون وفرنسيون وبريطانيون وبولنديون وسويديون ومكسيكيون شباب. وقد جمعتهما أمينة المعرض دوروتيه فاتينيل، التي أقدمت بنفسها على "إعادة تدوير" معرض أطلقه أساساً متحف "ديزاين ميوزيم" في لندن "و"ستتم إعادة تدويره!"، على قولها.
وتبرز في المعرض الذي ينقسم إلى ثلاثة أجزاء، أسماء كبيرة من أمثال مصممة الأزياء ستيلا مكارتني وشركات تصميم شهيرة. ويركّز المعرض على "كمية النفايات الكبيرة " الناجمة عن الإفراط في الإنتاج الصناعي، كما يسلط الضوء على "إمكانية" جعلها ذات قيمة من جديد أو حتى يتناول "نهايتها"، من خلال أساليب عيش جديدة.
ويبرز بلاط أرضية مصنوع من أصداف إلى جانب أحذية رياضية من ماركة "أديداس" مصنوعة من شباك الصيادين العائمة فوق مياه البحر. وفي الجزء الثالث، يظهر قماش أسود يحمل اسم "تريبوريوس" ابتكرته شركة سوني من قشور الأرز، ويتمتع بقدرة على امتصاص الملوثات المجهرية أو تنقية الهواء.
- "ما كنت أعلم بوجودها" -
يقول آرثر (10 سنوات)، وهو تلميذ في إحدى مدارس مونتروي (قرب باريس) كان يزور المعرض، "لم أكن أعلم أنّ ثمة بزة مصنوعة من الأعشاب البحرية".
ويظهر ريان (17 عاماً)، وهو تلميذ في مدرسة بريفير الثانوية، إحباطاً وهو يتأمل لوحة تُظهر صورة كبيرة لهاتف ذكي، وترمي إلى التنديد بـ"التقادم المخطط" للمعدات الإلكترونية.
ويشير المراهق إلى أن اللوحة استرعت انتباهه لأنه اعتقد أنه سيجد فيها "الحلّ ليحصل على سعة إضافية" على هاتفه، إلا أنه يُظهر اهتماماً بفكرة أن تقوم شركات مثل "نوكيا" بتوفير نماذج من الهواتف الذكية "قابلة للتصليح" من المستهلكين أنفسهم.
وشهد البلاستيك انتشاراً بسرعة ملفتة للنظر، فبعد اختراع الباكليت في العام 1907 على يدي الكيميائي البلجيكي ليو بايكلاند ثم العلب البلاستيكية في خمسينات القرن الفائت، ظهرت أكياس البولي إيثيلين ذات الاستخدام الواحد في العام 1965، والتي ابتكرتها شركة "سيلوبلاست" السويدية وساهمت في المصير الكارثي للبلاستيك القابل للرمي والذي يصبح متداخلاً مع الطبيعة من خلال تحوله إلى مواد بلاستيكية دقيقة تخترق الكائنات الحية.
وينطلق المعرض الذي تزيّن واجهته علباً معدنية مفرزة ومضغوطة، بـ"بلاستيغلوميرا"، وهو اسم اخترعته عالمة وفنانة كندية للإشارة إلى التراكمات التي يمتزج فيها الحجر والبلاستيك المنصهر ونجدها أحيانا على الشواطئ.
ويذكّر عرضاً زمنياً يعود إلى القرن الثامن عشر بأنّ التصنيع أنتج أولى النفايات التي لا تتحلل. في السابق، كان يُعاد استخدام جلود الأرانب، وفي بداية القرن التاسع عشر، باتت المجاري المائية "سوداء كالحبر" بسبب نفايات تنتجها مصانع تقطير عصير الشمندر ومصانع الأصباغ الصناعية.
ويحتضن متحف العلوم في الوقت نفسه معرضين آخرين عن المناخ. يتمحور إحداهما على "الطوارئ المناخية" ويرمي إلى شرح أسباب وعواقب الاحترار المناخي، بينما يتناول الثاني مدن الغد ويعرض ابتكارات ملموسة للتكيف مع العالم الجديد، بينها اكتشافات التكنولوجية للكشف عن تسربات المياه أو لتشجير الأسطح أو إعادة تدوير الخرسانة.