الطائفة الشيعية تنادي بالسلام: كفى دمارًا.. لنعد إلى الوطن والدستور
بقلم الباحث والكاتب السياسي عبد الحميد عجم
إلى الطائفة الشيعية الكريمة، أنتم القلب النابض للبنان، وأبناء هذه الأرض الذين عاشوا أوجاعها وتحملوا أثقل أعبائها. اليوم، نجد أنفسنا أمام مفترق طرق، حيث تدفعون الثمن الأكبر لصراعات وحروب أثقلت كاهل الوطن، وغيّبت الاستقرار عن حياتنا اليومية. قراكم في الجنوب، وأحياكم في الضاحية والبقاع، ومدنهم في صور وبعلبك، تحولت إلى ساحات للدمار والنزوح. لقد حان الوقت لتغيير المسار.
حقائق مرة.. إلى متى؟
أكثر من 3300 قتيل، و14 ألف جريح، ومليون مهجر تركوا منازلهم ليعيشوا بين الركام أو في مآوٍ مؤقتة. المدارس أُغلقت، والمستشفيات باتت عاجزة، وأحلام الأطفال سرقت. هذا الواقع ليس مصيرًا محتومًا، بل نتيجة خيارات يمكن أن تتغير إذا ما وقفنا جميعًا معًا، خاصة أنتم، أبناء الطائفة الشيعية الذين عانيتم الأكثر.
لكن السؤال الذي يفرض نفسه: إلى متى سيستمر هذا النزيف؟ هل يستحق لبنان أن يبقى رهينة لمعادلات السلاح والصراعات؟
رسالة إلى الضمير الشيعي: صوتكم هو المفتاح
أنتم القوة التي تستطيع تغيير هذا الواقع. أنتم من تحمل العبء، وأنتم الأحق بصناعة التغيير. قولوا لحزب الله: "كفى".
كفى قتالًا ودمارًا يدفع ثمنه الأبرياء. كفى زجّ أبنائنا في صراعات خارجية لا ناقة لنا فيها ولا جمل. كفى هيمنة السلاح على قرارات الوطن. آن الأوان لأن يعود حزب الله إلى الوطن، ويضع سلاحه بيد الجيش اللبناني، المؤسسة الوحيدة التي تمثل الجميع وتحمي الجميع.
إلى حزب الله: العودة إلى الوطن والدستور
حزب الله، الذي خرج من رحم الطائفة الشيعية للدفاع عن لبنان، بات اليوم في موقف يهدد وحدة الوطن واستقراره. تسليم السلاح إلى الجيش اللبناني ليس هزيمة، بل انتصار للوطن. إنه عودة إلى الدستور، الذي يحمي كل اللبنانيين دون استثناء. الدستور هو العقد الذي يجمعنا، والجيش هو الضمانة الوحيدة لأمن الجميع.
لا يمكن أن يكون هناك وطن مستقر وسيد إذا استمرت السلاحات خارج إطار الدولة. العودة إلى الدستور تعني إعادة لبنان إلى شعبه، وإعادة الطائفة الشيعية إلى دورها الريادي كجزء أصيل من النسيج الوطني.
لنبنِ لبنان جديدًا تحت سقف الدستور
أيها الأعزاء في الطائفة الشيعية، لبنان بحاجة إليكم أكثر من أي وقت مضى. مستقبله بين أيديكم. بصوتكم، يمكننا إنهاء هذه المأساة والعودة إلى طريق السلام والاستقرار. اليوم، القرار بأيديكم، والعودة إلى الوطن هي البداية.
دعونا نوحد الصفوف تحت مظلة الدستور، ونسلم زمام الأمن إلى الجيش، ونبدأ معًا بإعادة بناء ما دمرته سنوات الصراع. أبناءكم يستحقون وطنًا أفضل، وطنًا يحميه القانون لا السلاح، وطنًا يحتضن الجميع دون خوف أو تفرقة.
قولوا لحزب الله: "كفى من أجلنا جميعًا". لنعمل معًا على كتابة صفحة جديدة من تاريخ لبنان، صفحة عنوانها الوحدة، وأساسها الدستور، هدفها السلام.
اليوم هو يوم القرار.. ودستور لبنان هو ملاذنا جميعًا.