انقطاع الكهرباء عن أكثر من 1000 بلدة أوكرانية مع استهداف روسيا بنيتها التحتية
أضعفت الضربات الروسية المتتالية ضد المدن الأوكرانية خلال الفترة القصيرة الماضية منظومة الطاقة، وهذا ما كانت قد حذرت منه كييف قبل الدخول في فصل الشتاء مما أدى إلى انقطاع الكهرباء عن مئات المدن والقرى، الذي تزامن مع انخفاض شديد في درجات الحرارة، فيما أعلنت موسكو بدورها أنها ستتخذ كل الخطوات لوقف القصف الأوكراني على بيلغورود الروسية، بعد أن نفّذت قوات كييف سلسلة ضربات استهدفت هذه المنطقة الروسية الواقعة على بعد أقل من 32 كيلومتراً عن الحدود الأوكرانية، ما دفع بالمسؤولين المحليين إلى إجلاء مئات السكان وتأجيل العودة إلى المدارس حتى 19 يناير (كانون الثاني).
واتهمت موسكو الجيش الأوكراني بإطلاق النار على أهداف مدنية في وسط مدينة بيلغورود التي يسكنها نحو 340 ألف شخص، بأسلحة قدمتها دول أوروبية.
وقالت وزارة الدفاع الروسية إن الدفاعات الجوية أسقطت عشرة صواريخ أطلقت من راجمة من طراز «آر إم 70 فامبير». وتشير تقارير إلى أن الجيش الأوكراني تلقى عدداً من هذه الراجمات من جمهورية التشيك منذ بداية الحرب.
وذكرت كييف أن محطات الطاقة الحرارية الأوكرانية لا تزال تتعافى من الضربات الروسية الضخمة التي وقعت في الشتاء الماضي، ولم تتمكن المحطات الشمسية من العمل بكامل طاقتها بسبب السحب الكثيفة وسوء الأحوال الجوية. وأضافت أن أوكرانيا اضطرت لاستيراد الكهرباء من رومانيا وسلوفاكيا المجاورتين لتتمكن من تلبية الطلب. وطالبت كييف من حلفائها زيادة الدعم العسكري لتقوية دفاعاتها الجوية.
وقالت الشركة المشغلة لشبكة الكهرباء في أوكرانيا، الثلاثاء، إن الطقس الشتوي القاسي قطع الكهرباء عن أكثر من 1000 بلدة وقرية في تسع مناطق، وحثت السكان على الحفاظ على الطاقة. وقالت شركة «أوكرنرجو» إن استهلاك الكهرباء بلغ أعلى مستوياته هذا الأسبوع، حيث انخفضت درجات الحرارة إلى حوالي 15 درجة مئوية تحت الصفر في أجزاء كثيرة من البلاد.
وقصفت روسيا أوكرانيا بعشرات الصواريخ وصواريخ كروز والطائرات المسيرة للمرة الثانية في غضون أيام قليلة. ولكنّ عدداً قليلاً من بين نحو 60 صاروخاً تم إطلاقها تم اعتراضها، ويرجع ذلك أساساً إلى سقوط الصواريخ في أجزاء كثيرة من البلاد لا تتمتع بحماية مشددة مثل العاصمة كييف التي لديها أنظمة دفاع جوي جاءت من الغرب.
وقال القائد العام للقوات المسلحة الأوكرانية فاليري زالوجني في وقت سابق عبر تطبيق «تلغرام»، إن روسيا استخدمت 59 صاروخ كروز ومسيرة في هجومها الجوي على أوكرانيا الاثنين. وقال زالوجني إن البنية التحتية المدنية والأهداف الصناعية والعسكرية تعرضت للهجوم. وأعلنت وزارة الدفاع الروسية أنه كان هناك هجوم على أهداف عسكرية وصناعية في أوكرانيا. وهذا هو ثالث قصف عنيف من نوعه خلال أكثر من أسبوع. وفي هذه الفترة، كانت الأهداف في شرق وجنوب أوكرانيا، وهي المناطق الأقل حماية من الدفاعات الجوية من العاصمة كييف.
وقالت السلطات الأوكرانية إن عدد القتلى جراء ضربة روسية في أوكرانيا في اليوم السابق ارتفع إلى ثلاثة. وقال رئيس بلدية خميلنيتسكي الأوكرانية أولكسندر سيمشيشين على شبكات التواصل الاجتماعي: «للأسف نتيجة لعمليات إنقاذ، عُثر على قتيل آخر هو رجل من مواليد 1955». وجاءت الهجمات في المنطقة الغربية في إطار سلسلة من الهجمات في جميع أنحاء البلاد خلفت ما لا يقل عن خمسة قتلى وعشرات الجرحى
قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في خطابه المصور الاثنين، إن أوكرانيا لن تترك هجمات روسيا الشديدة الأخيرة ضدها من دون رد. وأضاف «يجب على الإرهابي أن يدفع ثمن الأضرار الناجمة عن الإرهاب بشكل أكبر، وروسيا ستدفع». وقال زيلينسكي، إنه بالإضافة إلى ذلك، ستركز المفاوضات مع الشركاء الدوليين في الأسابيع المقبلة على تعزيز سلاح الدفاع الجوي الأوكراني. وأضاف «سيتم اتخاذ كثير من الخطوات، وأنا على ثقة من قدرتنا على تعزيز دولتنا ونظام دفاعنا الجوي، وعملنا مع الشركاء على الطائرات المسيّرة».
دعا المستشار الألماني أولاف شولتس الدول الأخرى في الاتحاد الأوروبي، إلى تعزيز دعم أوكرانيا في هذا العام. وفي أعقاب لقائه مع رئيس وزراء لوكسمبورغ لوك فريدن، قال شولتس في برلين إن «شحنات الأسلحة التي جرى التخطيط لتقديمها إلى أوكرانيا من جانب غالبية دول الاتحاد الأوروبي، ضئيلة للغاية على أي حال».
وأضاف السياسي الاشتراكي الديمقراطي: «لهذا السبب أدعو الحلفاء في الاتحاد الأوروبي لتعزيز جهودهم لصالح أوكرانيا». وقال شولتس إنه يجب بحلول قمة الاتحاد الأوروبي في مطلع فبراير (شباط) المقبل على أقصى تقدير أن تتوافر نظرة عامة بشأن الإسهام، الذي سيقدمه الشركاء الأوروبيون لدعم أوكرانيا في هذا العام، وأردف «يجب على أوروبا أن تظهر أنها تقف بقوة إلى جانب أوكرانيا، إلى جانب الحرية والقانون الدولي والقيم الأوروبية».
وكشف شولتس أن برلين طلبت من الاتحاد الأوروبي التشاور مع الدول الأعضاء بشأن عمليات التسليم المخطط لها، في حال لم تكن جميعها معروفة.
وأكد المستشار الألماني ثقته في موافقة الاتحاد الأوروبي على حزمة المساعدات المقترحة بقيمة 50 مليار يورو لأوكرانيا في قمة طارئة في الأول من فبراير المقبل. وفشلت قمة الاتحاد الأوروبي في تمرير الحزمة في ديسمبر (كانون الأول) بسبب معارضة المجر.
ومع استمرار القصف المتبادل بين الطرفين أعلن الكرملين الثلاثاء أن الجيش الروسي سيتخذ كل الخطوات اللازمة لوقف القصف الأوكراني المتزايد على مدينة بيلغورود الروسية الحدودية. وقال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف لصحافيين: «جيشنا بطبيعة الحال سيواصل بذل كل ما هو ممكن لخفض الخطر أولا، والقضاء عليه كليا لاحقاً».
ومنذ شنّ هجومه على أوكرانيا في فبراير 2022، أكد الكرملين أن الحرب لا تؤثر على الحياة اليومية في روسيا ولا تهدد سلامة مواطنيها. ولكن مع استئناف الجيش الروسي قصفه المكثف على المدن الأوكرانية، زادت أوكرانيا من ضرباتها على الأراضي الروسية، مستهدفة خصوصا بيلغورود.
صباح الثلاثاء أعلن حاكم المنطقة فياتشيسلاف غلادكوف أن ثلاثة أشخاص أصيبوا بجروح جراء حطام أسلحة أوكرانية تم إسقاطها.
وتعرضت بيلغورود لهجمات متكررة من جانب القوات الأوكرانية في الأسابيع القليلة الماضية. وأدى هجوم أواخر الشهر الماضي إلى مقتل 25 مدنيا بينهم خمسة أطفال.
وقال غلادكوف عبر تطبيق «تلغرام»: «تعرضت مدينة بيلغورود للقصف مرة أخرى الليلة الماضية، وأصيب أفراد». وتابع «هناك الآن ثلاثة أشخاص في العناية المركزة، خضعوا جميعا لعمليات جراحية. ويقيّم الأطباء حالتهم بأنها بين المستقرة والخطيرة». ولم يصدر تعليق حتى الآن من جانب أوكرانيا. وقال غلادكوف إن الهجوم حطم نوافذ مبنيين سكنيين وألحق أضرارا بكثير من السيارات.
وفي سياق متصل تعتقد أوكرانيا أن أكثر من 19 ألفاً و500 طفل قد اختطفوا بشكل غير قانوني وجرى اقتيادهم إلى روسيا خلال الحرب، حسبما قال مدير مكتب الرئاسة الأوكرانية، أندريه يرماك، في كييف الاثنين. وقال يرماك: «لقد ارتكبت روسيا جرائم فظيعة في سياق حربها ضد أوكرانيا، لكن الترحيل والاختطاف القسري للأطفال، الأكثر ضعفا لدينا، هو من أفظع الجرائم ضد الإنسانية منذ الحرب العالمية الثانية»، وفقاً لبيان نقلته عنه «وكالة الأنباء الألمانية».
ويستند الرقم إلى إحصاءات الأمم المتحدة. ويقال إن حوالي ثلاثة آلاف و900 شخص من هؤلاء الأطفال أيتام أو من دون آباء. واتهم يرماك روسيا بترحيل وإعادة توطين الأطفال الأوكرانيين بشكل منهجي. وكان هذا جزءا من سياسة الدولة لطمس هويتهم. وترفض موسكو تزويد أوكرانيا أو المؤسسات الدولية بمعلومات عن مصير الأطفال. وحتى الآن، لم يكن من الممكن إعادة الأطفال الأوكرانيين إلى وطنهم إلا في حالات فردية.