وصلت دبّابات إسرائيلية اقتحمت خان يونس، المدينة الرئيسية بجنوب قطاع غزة، إلى بوابات مستشفيين اليوم الإثنين ما أدّى إلى حرمان السكّان من الحصول على الرعاية الطبية وتفشى القتال الأكثر دموية في العام الجديد بمناطق تؤوي مئات آلاف النازحين.
وأفاد سكّان بأن القصف الجوي والبرّي والبحري كان الأكثر كثافة في جنوب غزة منذ بدء الحرب في تشرين الأول (أكتوبر) مع توغّل الدبّابات الإسرائيلية عبر المدينة من الشرق إلى المناطق الغربية القريبة من ساحل البحر المتوسط.
وأظهرت مقاطع مصورة التُقطت من بعيد مدنيّين متفرّقين يتجوّلون في منطقة مهجورة لكنّها مزدحمة بخيام وملابس معلّقة على حبال بينما تدوي أصوات إطلاق النار وتتصاعد أعمدة دخان في السماء.
وشنّت إسرائيل هجوماً الأسبوع الماضي للسيطرة على مدينة خان يونس التي تقول إنّها المقر الرئيسي لمقاتلي حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الضالعين في هجمات السابع من تشرين الأول (أكتوبر) على جنوب إسرائيل والتي أسفرت عن مقتل 1200 شخص وفقاً للإحصائيات الإسرائيلية.
وذكرت السلطات الصحّية في غزة في تحديث اليوم الإثنين أن أحدث مرحلة في الحرب دفعت القتال إلى عمق آخر ركن في القطاع أصبح الآن مكتّظاً بمن فرّوا من القصف الذي أودى بحياة 25295 شخصاً على الأقل منذ السابع من تشرين الأول (أكتوبر).
ويتواجد غالبية سكّان غزة وعددهم 2.3 مليون نسمة الآن في دير البلح شمال خان يونس ورفح جنوبي خان يونس. ويتكّدس غالبية الفارين في مبانٍ عامّة ومخيّمات واسعة مبنية من الخيام المصنوعة من أغطية بلاستيكية فوق دعامات من الخشب.
وأشار الهلال الأحمر الفلسطيني إلى أنّه فقد الاتصال بموظّفيه في مستشفى الأمل التابع له في خان يونس، القاعدة الرئيسية لوكالة الإنقاذ، حيث تتوقّف الدبّابات الإسرائيلية بالخارج.
وإلى الغرب، وصلت دبابات إسرائيلية متقدّمة إلى منطقة المواصي بالقرب من ساحل البحر المتوسط للمرّة الأولى، حيث عزلت مستشفى الخير وتمركزت حول جامعة الأقصى القريبة، المكتظّة بآلاف المدنيين النازحين.
وفي مستشفى ناصر، المستشفى الرئيسي الوحيد الذي ما زال من الممكن الوصول إليه في خان يونس وهو الأكبر الذي لا يزال يعمل في غزة، أفاد شهود بان قسم الحالات المستعجلة مكتّظ بالجرحى الذين يعالجون على الأرض وفي الممرّات.
ولفت مسؤولو الصحّة إلى أن 20 جثة على الأقل وصلت إلى هناك خلال الليل، ويتوقّعون وصول المزيد لاحقاً، حيث جعلت الدبّابات في الشوارع من الصعب على رجال الإنقاذ انتشال الجثث.
وقال أحد أفراد الطاقم الطبي في مستشفى، ناصر مشترطاً عدم نشر اسمه، إن خان يونس شهدت هجوماً برّياً وجوّياً إسرائيلياً غير مسبوق وإن السكّان محاصرون بالقرب من بلدة المواصي وفي مستشفى الأمل وجامعة الأقصى وإن الناس يأتون بالقتلى والجرحى على عربات تجرّها حمير.
وأوضح المتحدّث باسم وزارة الصحّة في غزة أشرف القدرة، في بيان، أن عشرات القتلى والجرحى محاصرون في مناطق استهدفتها القوّات الإسرائيلية.
وأضاف أن الاحتلال الإسرائيلي يمنع سيارات الإسعاف من التحرّك لانتشال "الشهداء" والجرحى غرب خان يونس.
نتنياهو يتحدّى واشنطن
لم يشر الجيش الإسرائيلي في تحديثه الصباحي عن القتال إلى المعركة الضخمة في خان يونس، مقدّماً فقط تفاصيل عن القتال في مناطق أخرى في شمال قطاع غزة وجنوبه.
ويعد اقتحام الأجزاء الغربية من خان يونس آخر مرحلة في معركة وصفها المسؤولون الإسرائيليون بأنّها آخر هجوم بري واسع النطاق قبل أن يتحوّلوا إلى عمليات أقل كثافة وأكثر استهدافاً للقضاء على "حماس".
ولم يوضحوا خططهم بالنسبة للمناطق المتبقّية مثل رفح ودير البلح، حيث يلتجئ معظم سكّان غزة الآن، بينما ينفد الغذاء والدواء وتقتل الغارات الجوية الإسرائيلية أسرا خلال نومهم ليلاً.
وتقول إسرائيل إنّها لن تتوقّف عن القتال حتى يتم القضاء على حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) بالكامل، وتتّهم الحركة باستخدام المدنيين كغطاء، وهو ما تنفيه "حماس". لكن الفلسطينيين والعديد من الخبراء العسكريين الغربيين يقولون إن هذا الهدف قد يكون غير قابل للتحقيق بسبب هيكل "حماس" المنتشر والمتجذّر في غزة، التي تديرها الحركة منذ عام 2007.
واختلف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشكل حاد مع الولايات المتحدة الحليف الرئيسي لإسرائيل ونفى أي خطط مستقبلية لإقامة دولة فلسطينية مستقلّة.
وتعتبر واشنطن أن الحفاظ على المسار نحو إقامة دولة فلسطينية مستقلّة، وهو حجر الأساس للسياسة الأميركية في المنطقة منذ عقود، هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام مع الجزء الأكبر من جيران إسرائيل العرب وإعادة بناء غزة بعد الحرب.
ورغم أن أغلبية ساحقة من الإسرائيليين يؤيدون الحرب، إلا أن عدداً متزايداً وصريحاً بقيادة أقارب الأسرى المتبقين يقولون إن على الحكومة أن تفعل المزيد للتوصّل إلى اتّفاق لإطلاق سراحهم، حتّى لو كان ذلك يعني كبح جماح عملياتها العسكرية.
وقال نتنياهو، زعيم الائتلاف الذي يضم أحزاباً من اليمين المتطرّف، أمس الأحد إنّه لن يتوصّل إلى اتّفاق لإطلاق سراح الأسرى يتطلّب ترك "حماس" من دون هزيمة.
وأردف "أرفض جملة وتفصيلاً شروط استسلام وحوش حماس"، مضيفاً أنّه يواجه "ضغوطاً دولية ومحلية" لتغيير موقفه المصر على السيطرة الأمنية الإسرائيلية الكاملة على جميع الأراضي الواقعة غربي نهر الأردن.
وتابع نتنياهو "إصراري هذا هو الذي حال منذ سنوات من دون قيام دولة فلسطينية ستشكّل خطراً وجودياً على إسرائيل".
وأكدّ رئيس الدائرة السياسية لـ"حماس" في الخارج سامي أبو زهري لـ"رويترز" أن "حماس" منفتحة على "كل المبادرات والمقترحات لكن أي اتّفاق يجب أن يرتكز على إنهاء العدوان والانسحاب الكامل للاحتلال" من غزة.
وأصدر منتدى عائلات الأسرى والمفقودين بياناً طالب فيه نتنياهو أن "يعلن بوضوح أنّنا لن نتخلى عن المدنيين والجنود وغيرهم من المخطوفين في كارثة تشرين الأول (أكتوبر).
وأضاف "يجب أن نسعى لإبرام اتفاق الآن. إذا قرّر نتنياهو التضحية بالأسرى فعليه أن يتحلّى بحس القيادة ويعلن موقفه صراحة للشعب الإسرائيلي".
ما هو رد فعلك؟