هل يجعل "ستارلينك" إيلون ماسك "أخطر رجل في العالم"؟

هل يجعل "ستارلينك" إيلون ماسك "أخطر رجل في العالم"؟

الخميس 29 شباط (فبراير)، شهدت قاعدة كيب كانفرال الأميركية الشهيرة إطلاق صاروخ جديد من طراز "فالكون9" تابع لشركة "سبيس إكس" الأميركية المملوكة لرجل الأعمال الأشهر إيلون ماسك. وكان الصاروخ يحمل 23 قمراً اصطناعياً صغيراً تابعاً لمشروع "ستارلينك" العملاق.

 

وحتى الآن، فإن أكثر من 5.5 آلاف قمر اصطناعي صغير تابعة لمشروع "ستارلينك" تحلق في المدار فوق الأرض، وهو ما يمثل نحو 13 بالمئة من إجمالي مستهدف المشروع البالغ 42 ألف قمر اصطناعي عند اكتماله.

ويهدف المشروع حسب ما أعلنته "سبيس إكس" وماسك سابقاً، إلى توفير خدمة الإنترنت للمناطق المحرومة منها، سواء لأسباب طبيعية على غرار المناطق النائية أو الجبال أو الغابات، أو تلك التي تعاني مشكلات لوجستية على غرار مناطق الأزمات والحروب.

 

وقبل أيام قليلة، أعلنت "سبيس إكس" على موقع "إكس" (المملوك لماسك أيضاً)، أنها أرسلت أول تغريدة من هاتف عادي "في الفضاء" (خارج المجال الجوي الأرضي) إلى خوادم موقع التواصل الاجتماعي عبر أقمار "ستارلينك" مباشرة ودون أدوات وسيطة، في خطوة تعد افتتاحية لإطلاق خدمات الهواتف المحمولة من الشركة إلى العملاء في وقت لاحق العام الجاري كما توقعت مجلة "فوربس".

وخلال الأسابيع الأخيرة، تزايد الحديث عن "ستارلينك" في المنطقة العربية، باعتباره بديلاً جيداً لتوفير الاتصالات في قطاع غزة المحاصر والمدمر، حيث وافقت الحكومة الإسرائيلية على تشغيل الخدمة في إسرائيل وأجزاء من قطاع غزة.

وبموجب الاتفاق، تدعم "ستارلينك" الوصول إلى الإنترنت في مستشفى ميداني تديره الإمارات في مدينة رفح جنوب غزة، لكن أي توسيع للخدمة في المنطقة المحاصرة يخضع لموافقة إسرائيل.

 

كما ظهر اسم "ستارلينك" في اشتباك البحر الأسود بقوة، مع اتهام أطلقته أوكرانيا، بأن القوات الروسية تستخدم أنظمة "ستارلينك" في عملياتها بأوكرانيا.

لكن الكرملين نفى تلك المزاعم تماماً. كما أكدت "سبيس إكس" بدورها أنها لا تقوم بأي أعمال مع الحكومة الروسية أو جيشها. وشدد ماسك أيضاً على أن الأمر غير صحيح، وأنه لم يتم بيع أي معدات ستارلينك مباشرة أو غير مباشرة إلى روسيا.

 

لكن تقارير غربية متعددة لمّحت إلى إمكانية حصول القوات الروسية على معدات لأنظمة "ستارلينك" عبر الأسواق المفتوحة ووسطاء، وأشار خبراء إلى أن الميزة الرئيسية لهذه الأنظمة هي صعوبة تتبعها أو اختراقها.

 

والمثير هو أن وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) هي أحد أبرز من قاموا بالتوجيه لنشر أقمار وأنظمة "ستارلينك" في سماء وأرض أوكرانيا، كوسيلة لدعمها في الحرب ضد روسيا.

 

وفي الشرق الأوسط، تنتشر أنظمة ستارلينك فوق كل من سوريا والعراق، وأيضاً بدعم من القوات الأميركية والأوروبية، وذلك في استخدام مزدوج، لدعم الاتصالات من جهة، والمساعدة في تتبع التنظيمات المتطرفة من جهة أخرى... كما تنتشر الأنظمة في سموات أفغانستان واليمن وجنوب السودان ومناطق أخرى في آسيا وأفريقيا وأميركا الجنوبية.

لكن الصورة ليست وردية تماماً، إذ تتكاثر المخاطر، خاصة ما يتعلق بتحكم كيان واحد وهو "سبيس إكس" المملوكة لإيلون ماسك في كل هذا العدد من الأقمار الاصطناعية والاتصالات، بما يسمح نظرياً بالقدرة على التأثير على قطاعات واسعة، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً.

 

ورغم الإشادات من كثير من العاملين بالأوساط التكنولوجية بمشروع ستارلينك، الذي تصل تكلفته الإجمالية لما يفوق 10 مليارات دولار، إلا أن البعض يراه مشروعاً خطراً، سواء مباشرة من حيث ازدحام الفضاء والتأثيرات على قطاع الطيران، أو في حال استخدامه في الأنظمة العسكرية النظامية أو غير النظامية.

ويبدو أن هذه المخاوف دفعت دولاً إلى إعادة التفكير في الأمر. فقد أطلقت الصين خلال العام الماضي أكثر من 67 صاروخاً تحمل أقماراً اصطناعية صغيرة على غرار أقمار "ستارلينك"، في مسعى لتوفير "شبكة اتصالات آمنة" بالنسبة لبكين، بالتزامن مع سعي "سبيس إكس" للسيطرة على الاتصالات العالمية.

 

ووسط صراع لا يخفى على أحد بين الصين والولايات المتحدة، خاصة في ما يتعلق بجزيرة تايوان، فإن بكين تركز حالياً على توفير اتصالات فضائية مؤمنة فوق تايوان، بما يسمح لها بالحضور وفرض سيطرتها على الجزيرة.