اللجنة الخماسية” تتخبّط.. لا رئيس في الأفق وأميركا تتجّه نحو “الضغط”!
مع عودة نشاط سفراء “المجموعة الخماسية”، واستئناف الزيارات الدبلوماسية التي كانوا قد استهلوها بلقاء عقد في السراي مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، لا يزال الملف الرئاسي “ضبابياً”.
في هذا السياق،قال مصدر لبناني واسع الاطلاع لـ “الأنباء” الكويتية” إنّ هناك “قناعة دولية بدأت تتشكل مفادها أن الملف الرئاسي لن ينجز بإرادة لبنانية داخلية، إنما بقرار دولي صارم، لأن أيا من الفرقاء ليس مستعدا للتنازل من اجل الوطن والشعب الذي يئن من اخطر أزمة يمر فيها بتاريخه الحديث”.
وأضاف المصدر إنّ “الخماسية قد تعدل من آلية تحركها، اذ سيكون محور البحث لاحقا هو السبل الكفيلة بإخراج الملف الرئاسي من الدائرة المفرغة، والبدء بخطوات عملية تواكبها اللجنة الخماسية من خلال التدخل كلما دعت الحاجة لتذليل العقبات مع التركيز على أمر أساسي، وهو الفصل الكلي بين الرئاسة والحرب على غزة وتداعياتها”.
وفي ظل هذا المشهد الرمادي ينتظر ان يصل الى بيروت مطلع الاسبوع الموفد الاميركي آموس هوكشتاين للقاء الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي ومسؤولين لبنانيين، على أن تكون مهمته مزدوجة باتجاه معالجة الوضع في الجنوب، ومعالجة ملف رئاسة الجمهورية.
وقالت مصادر متابعة لـ”الديار” إنّ هناك اتجاها اميركيا اخذ يتبلور اكثر بالتعاطي مع الملف الرئاسي بشكل مباشر من دون المرور بقنوات او محاور اللجنة الخماسية.
وسبق أن نقل مصدر نيابي لـ”الديار””عن اوساط فرنسية ان ليس هناك حتى الان اي برنامج لزيارة الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان الى لبنان قريبا، مشيرا الى ان اللقاءات الاخيرة التي اجراها مع مسؤولين عن الملف الرئاسي اللبناني في بعض دول الخماسية لم تؤشر الى نضوج ظروف هذا الملف، او الى توصل اللجنة الخماسية لمقاربة موحدة او لخارطة طريق لانتخاب رئيس للجمهورية.
واضاف المصدر ليس سرا ان هناك خلافات بين اعضاء اللجنة، مشيرا الى الحديث مؤخرا عما يسمى بمعادلة ( 3+1+1) تعكس خريطة المواقف بين اعضاء اللجنة.
واوضح ان فرنسا وقطر تتناغمان حاليا في الموقف ومعهما مصر. وان هذا التناغم تعزز مؤخرا بعد زيارة امير قطر لباريس ولقائه الرئيس الفرنسي تطرقهما الى الوضع اللبناني والملف الرئاسي.
وكشف المصدر عن اجتماعات عقدت بين الوفد القطري المرافق ومسؤولين فرنسييين، تناولت مقاربة الاستحقاق الرئاسي اللبناني.
اما الجانبان الاميركي والسعودي فيتميز كل منهما بموقفه الخاص تجاه التعاطي مع الملف الرئاسي اللبناني.
وعلمت “الديار” من مصادر مطلعة ان السفيرة الاميركية في بيروت ليزا جونسون عبرت مؤخرا عن هذا التوجه، ونقل عنها انها غير راضية على تعاطي زملائها في اللجنة والطريقة المتبعة سابقا.
وتحدثت عن زيادة الضغوط على الاطراف اللبنانية لانتخاب رئيس الجمهورية، معتبرة ان لم يعد ممكنا متابعة العمل بالشكل الذي كان سائدا.
والمحت الى ان الادارة الاميركية مؤمنة وقادرة على القيام وسلوك هذ التوجه.
ووفقا للمصادر فان كلام السفيرة جونسون عزز التكهنات والتفسيرات بالتلويح بالخروج من اللجنة او انفراط عقدها.
كنعان: لا بدّ من حسم الخيارات
وفي تعليق على الملف الرئاسي، اعتبر النائب ابراهيم كنعان، في حديث لـ”الديار” إنّه “بعد سنة ونصف على الفراغ الرئاسي، أصبح من المفروض على الكتل النيابية وأحزابها أن تدرك خياراتها وتحسم هذه الخيارات”.
وأوضح “نحن لا نتكلم قبل الإنتخابات بشهر أو شهرين وننتظر المرشح الذي يمتلك الحظوظ الأكبر، إنما نتحدث بعد عام ونصف على انقضاء الموعد الدستوري، وبالتالي لم يعد من المسموح التعاطي مع هذا الملف، على طريقة امتلاك تَرَف الوقت أو كأن البلد بألف خير والناس مرتاحة، وما من هريان في المؤسسات، وتعطيل بدأ يطال حتى العمل البلدي والإختياري في لبنان، جراء حالة الهريان التي وصلنا إليها”.
إلى ذلك رحب كنعان بالمبادرات، إلاّ أنه اعتبر أنه “لا يجب أن تتحوّل المبادرة إلى عملية تضييع وقت، والمطلوب حسم هذه الأمور، بحيث هناك آلية دستورية لانتخاب رئيس الجمهورية في المجلس النيابي، والخيارات باتت معروفة، وفي حال وجود إمكانية للتوافق، فما من جهة ستعارضه، أمّا في حال لم يكن هناك أي إمكانية لحصول التوافق بعد سنة ونصف على موعد حصول الإستحقاق الرئاسي، يفترض بنا النزول إلى المجلس النيابي ليصار إلى انتخاب الرئيس في أسرع وقت ممكن، لنوقف حالة الإنحدار الحاصلة على كل المستويات في لبنان”.
ورأى، أن “عنوان المرحلة اليوم، وكما قلت بالأمس في بكركي، هو اللامسؤولية، فلا من يتحمل المسؤولية كما يجب تحمّلها، ولا أحد يتعاطى مع الأمور بجدية ويُغلِّب المصلحة الوطنية على مصلحته الخاصة، فعندما نرى أن هناك استحقاقاً بهذا الحجم يفتح الباب واسعاً لإنقاذ لبنان وتأليف حكومة جديدة وللبتّ بملفات مالية واقتصادية واجتماعية ونقدية ويستمر بالتعطيل، ولا أحد يحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه، ندرك أن هناك صراعا على السلطة لا أكثر ولا أقلّ، مقابل التفكير بمصلحة الدولة ومصلحة الشعب”.
وحول من يُعرقل حصول الإستحقاق الرئاسي، وما إذا كنا ينتظر وقف حرب غزة، رفض كنعان هذا الكلام، معتبراً أنه “يوحي بأننا قد فقدنا كل عناصر المبادرة الداخلية، وهذا كلام خطير، وهذه كلها حِجَج غير مقبولة، وأرى أننا نحن من نعطّل أنفسنا جراء تمترس كل طرف خلف قناعاته وأفكاره التي تخفي خلفيات سلطوية مغلّفة أحياناً بالوطنية، وأحياناً أخرى بمشاريع خارجية، فهذه كلها تعرقل ليس فقط الإستحقاق الرئاسي، إنما أيضاً تعرقل قيام لبنان وشعبه ومستقبله”.
وعن إمكانية الخروج من معضلة عدم قدرة أي فريق داخلي بمفرده على حسم المعركة الرئاسية، اشار كنعان، إلى أن ذلك “يتطلّب حصول خرق في السياسة بين الفريقين المتقابلين لحصول توافق على مرشح يحمل مواصفات مقبولة من الأطراف التي تخلق هذا النوع من توازن التعطيل، وإلاّ علينا الذهاب إلى انتخابات، ومن يحصل على نسبة أكبر من الأصوات يفوز، أي يجب تحرير العملية الديمقراطية”.