بسبب أزمة الأونروا… “كارثة وشيكة” تصيب اللاجئين الفلسطينيين في لبنان
حذر مسؤولون لبنانيون وفلسطينيون وأمميون من “كارثة وشيكة” تهدد مئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، حيث قالت وكالة الأمم المتحدة المكلفة برعايتهم، إنها لن تتمكن من “النجاة” إلا لشهر آخر.
وقالت دوروثي كلاوس، مديرة برنامج وكالة “الأونروا” في لبنان، والتي تقدم مساعدات حكومية لأكثر من 250 ألف شخص: “سنواصل عملياتنا حتى نهاية اذار، بعد ذلك، إذا لم يتم استئناف التمويل، فلا نعرف ما الذي سيحدث”.
وفي يناير الماضي، قالت إسرائيل إن عشرات من موظفي الوكالة في غزة شاركوا في هجوم حماس على إسرائيل في السابع من تشرين الاول الماضي، والذي أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين وبينهم نساء وأطفال، وفقا للحكومة الإسرائيلية.
ودفعت الاتهامات الموجهة ضد موظفي الوكالة التابعة للأمم المتحدة، والتي لا تزال “غير مثبتة” وفقا لصحيفة “فاينانشيال تايمز”، الولايات المتحدة و15 دولة أخرى إلى تعليق تمويل بقيمة 450 مليون دولار في وقت تقدم فيه الوكالة مساعدات حيوية لنحو مليوني فلسطيني في قطاع غزة المحاصر، بعد أن كانت هذه الدول هي المساهم الرئيسي بنسبة تصل إلى 70 بالمئة في تمويل الأونروا.
وقال المدير العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأسبوع الماضي، إن الوكالة وصلت إلى “نقطة الانهيار”.
ويقترح رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، إغلاق هذه الوكالة الأممية، وهي أحد بنود خطته لـ”اليوم التالي” لقطاع غزة بمجرد انتهاء الحرب. وكررت إسرائيل خلال الفترة الماضية اتهاماتها للوكالة الأممية بأنها تغطي على أعمال حماس، ودعت لاستبدالها بمنظمات إغاثة دولية أخرى.
وبحلول نهاية شهر اذار، وما لم ترفع الدول المانحة الأخرى دعمها، لن تتمكن الأونروا من دفع رواتب موظفيها البالغ عددهم 30 ألف موظف، وسوف تتوقف عن تقديم الخدمات ليس فقط للاجئين في غزة ولكن لحوالي أربعة ملايين آخرين في الضفة الغربية ولبنان والأردن وسوريا، وفقا للازاريني.
ووفقا للصحيفة البريطانية، فإن الأزمة الحالية التي تضرب المنظمة، تبقى الأشد في تاريخها الممتد لـ75 عاما.
وفي حديثها عن أهمية خدمات المنظمة للاجئين الفلسطينيين بلبنان، قالت دورتي كلاوس، إن الأونروا “هي المكان الذي يحضرون إليه (اللاجئين) أطفالهم للحصول على التطعيمات اللازمة، ولتعليمهم، مضيفة “عندما يعانون من مشاكل نفسية أو اجتماعية، فإنهم يأتون لرؤية الأخصائيين الاجتماعيين العاملين بالوكالة”.
وقالت إن كل هذه الخدمات قد تختفي، مشددة على أن الوكالة التي تعمل منذ عدة سنوات بموارد “محدودة للغاية، وجدت نفسها في موقف صعب”، متسائلة باستنكار: “هل نغلق المدارس؟ أم المراكز الصحية؟ أم نتوقف عن تقديم خدمات النظافة”.
وحذر مسؤولون من أن حرمان شباب المنطقة من خدمات الوكالة، بالإضافة إلى عوامل أخرى، قد يسهم في دفع المزيد من الشباب للانضمام إلى الجماعات المتشددة في المنطقة.
وبينما قالت كلاوس إن الوكالة لا تزال تأمل في التوصل إلى حل، تشدد على أنها لم تتلق بعد عروضا ملموسة من مانحين آخرين، مثل دول الخليج التي ساعدت في تخفيف الأزمة التي ضربت الأونروا في عام 2018 بعد أن سحبت إدارة الرئيس الأميركي الأسبق دونالد ترامب التمويل الأميركي للوكالة.
وفي الأردن وسوريا ولبنان، وهي بلدان تعاني من ظروف اقتصادية صعبة، توضح “فاينانشيال تايمز”، أن التخفيضات في برامج الأونروا “ستكون مدمرة”.
وقال إبراهيم سيف، الخبير الاقتصادي والوزير الأردني السابق: “نحن نتحدث عن دول لديها بالفعل حيز مالي محدود للغاية”، مضيفا أن الدول الثلاث تعاني من عجز في الميزانية، “وليس لديها موارد في ميزانيتها تخصصها للاجئين”.
وفي لبنان، تقول الصحيفة البريطانية، إن وضع اللاجئين الفلسطينيين – ومن بينهم أولئك الذين أجبروا على الفرار من وطنهم في عام 1948 وعدة أجيال من أحفادهم، يعد مأساويا بشكل خاص، حيث تمنعهم الدولة من العمل في معظم المهن، أو امتلاك العقارات أو الوصول إلى الخدمات العامة، مشيرة إلى أنهم “محاصرون في حالة فقر ويعتمدون على الوكالة لتلبية احتياجاتهم الأساسية”.
ومنذ عام 2019، تفاقمت هذه الوضعية بسبب الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعيشها البلاد.
وتخشى الحكومة اللبنانية، التي تعاني أيضا من حرب على حدودها الجنوبية أدت إلى نزوح عشرات الآلاف من الأشخاص، من أن يؤدي تخفيض الأونروا إلى مزيد من الاضطرابات، خاصة وأن الدولة تستقبل أيضا أكثر من مليون لاجئ سوري، ومواطنين تدهورت أوضاعهم المعيشية.
يقول جهاد عبد الوهاب، مدرس العلوم في المدرسة الابتدائية في مدرسة نهر الأردن التي تديرها الأونروا في مخيم البداوي شمال لبنان: “لا يوجد بديل للأونروا، لذلك هناك حالة شديدة من القلق والخوف بين الطلاب والعائلات”.
ويضيف أن طلابه يسألونه عما سيحدث لهم إذا أغلقت المدارس، ويقول للوكالة، “إما أن يذهب الأطفال إلى العمل، أو أنهم سوف يتعاطون المخدرات.. أو يحملون السلاح”، وهي مخاوف رددها مسؤولو الأونروا الذين لاحظوا ارتفاعا مؤخرا في التجنيد لدى فرع حركة حماس بالبلاد.
وقال عمرو الخطيب، أحد سكان مخيم برج البراجنة في جنوب بيروت، إنه والعديد من الأشخاص الآخرين يعتمدون على الرعاية الصحية التي تقدمها الأونروا، بما في ذلك العلاج الشهري والأدوية، يضيف متسائلا سيكون إيقاف الوكالة لخدماتها “كارثة على الفلسطينيين”.
أعلنت المفوضية الأوروبية الجمعة أنها ستصرف “مطلع الأسبوع المقبل” 50 مليون يورو لدعم الأونروا، قبل الإفراج المحتمل عن 32 مليون إضافية.
ورحب المدير العام للأونروا، فيليب لازاريني، بالدعم الأوروبي، غير أنه قال للصحفيين، إنها أقل من 60 مليون دولار التي تنفقها الوكالة في المتوسط كل شهر على الرواتب الأساسية، بعيدا عن “الاحتياجات الإنسانية الحادة وباقي الخدمات”.
وبالإضافة إلى أهميتها في الحياة اليومية، تحمل الأونروا أيضا أهمية رمزية بالنسبة للكثيرين الذين يرون فيها “آخر اعتراف رسمي متبقي بحق الفلسطينيين في العودة إلى أوطانهم”، التي هجروا منها مع تأسيس دولة إسرائيل في 1948.
يقول، عضو لجنة مخيم برج البراجنة، سامر أبو عمر ، إن الأونروا كانت “الشاهد الوحيد على النكبة الفلسطيني، وإذا ذهبت الأونروا، لن يتبقى أي شاهد؟” مضيفا: “لن يكون هناك واحد بعد الآن. ونحن، كشعب، سنبدأ في الذوبان في المجتمعات من حولنا”.