استعدادات في تونس لشهر رمضان وسط أزمات معيشية واقتصادية ومناخية

استعدادات في تونس لشهر رمضان وسط أزمات معيشية واقتصادية ومناخية

قبل نحو شهر من بدء شهر رمضان، باشرت السلطات في تونس الإعداد لهذا الشهر الاستهلاكي، وسط استمرار أزمة شحّ عدد من المواد الأساسية في مقابل ارتفاع جنوني للأسعار.

 

وترتفع نسبة الاستهلاك في شهر رمضان في تونس بنحو 20 في المئة، وفق أرقام رسمية لمعهد الإحصاء الحكومي، ما يضع السلطات أمام تحدٍ مضاعف لتوفير الحاجيات من مواد كثيرة يرتفع الإقبال عليها خلال هذه المناسبة، في وقت يعاني البلد من نقص كبير في السيولة، تعجز معه عن تأمين المستلزمات عبر الاستيراد، ومن تواصل تأثير التغيّرات المناخية على المحاصيل الزراعية.

 

مخزون استراتيجي

وعادةً ما تُعدّ مختلف المؤسسات في تونس برنامجاً خاصاً بشهر رمضان، وتقوم بتقدير حاجيات السوق في هذه الفترة، وتحرص على ضخ كميات إضافية من مواد يكثُر الإقبال عليها، ويُطلق على هذه الكميات المخزنة استعداداً لرمضان تسمية "المخزون الاستراتيجي".

ويُعتبر الحليب والبيض ولحوم الدواجن من المواد التي يزيد إقبال التونسيين عليها في رمضان.

 

وأكّدت المديرة العامة للتجارة بسمة الطرابلسي، أنّ كل المواد الأساسية ستكون متوافرة خلال شهر رمضان، مضيفةً أنّه سيتمّ ضخّ كميات إضافية من المواد التي تعرف زيادة في الاستهلاك "ما سيحول دون وجود أزمة تزوّد في الأسواق كافة".

 

وفي هذا الصدد، كشفت عن ضخّ كميات إضافية من البطاطا تقدّر بنحو 5 آلاف طن، ليصل الإجمالي المعروض منها خلال هذا الشهر إلى 25 ألف طن، في مقابل حجم استهلاك متوقع يراوح ما بين 25 ألف طن وحتى 30 ألفاً.

 

كما سيتمّ توفير 158 مليون بيضة مع ضخّ مخزون تعديلي في حدود 23 مليوناً.

 

 

ومن المنتظر أيضاً ضخ نحو 12 ألف طن بشكل منتظم من اللحوم البيضاء، في حين ستزود السوق بنحو 6500 طن من لحوم الديك الرومي خلال شهر آذار (مارس)، و6848 طناً خلال شهر نيسان (أبريل).

 

أما بالنسبة لمادة الحليب، فقالت المسؤولة التونسية إنّها ستكون متوافرة بالكميات اللازمة، وذلك بعد تجاوز أزمة النقص في الإنتاج التي عانت منها الأسواق طيلة أكثر من سنة.

 

وعلى عكس لحوم الدواجن، يُتوقع أن يتواصل ارتفاع سعر اللحوم الحمراء التي تعرف منذ سنوات نقصاً في العرض والطلب بسبب تراجع أعداد القطيع وارتفاع أسعار العلف بشكل لافت خلال الأعوام الأخيرة، نتيجة الجفاف، كما شرح رئيس غرفة القصابين أحمد عميرة في تصريح سابق لـ"النهار العربي".

 

ويصل سعر الكلغ الواحد من اللحوم الحمراء حالياً في تونس إلى أكثر من 15 دولاراً، ما يحرم التونسي من استهلاكه، ولا يُعرف بعد إن كانت السلطات ستتجه إلى استيراد كميات منها أم لا.

 

تجميد الأسعار

وعادةً ما يشهد شهر رمضان ارتفاعاً في أسعار مختلف المواد الأساسية، ويشتكي التونسيون خلال السنوات الأخيرة من الارتفاع المتواصل للأسعار وغلاء المعيشة، في بلد تصل نسبة التضخم فيه إلى 7.8 في المئة.

 

لكن رئيس "منظمة إرشاد المستهلك" غير الحكومية لطفي الرياحي يقول لـ"النهار العربي" إنّ ذلك غير متوقع هذا العام، ويرجع ذلك إلى قرار وزارة التجارة التونسية تجميد الأسعار، وهو قرار سيتمّ مواصلة العمل به خلال شهر رمضان.

 

غير أنّ الرياحي يستطرد موضحاً أنّ ذلك "رهن تنفيذ عمليات مراقبة واسعة للأسواق من شأنها أن تضرب يد المضاربين والمحتكرين"، ووفق تقديره "لن يعاني التونسي هذا العام من ارتفاع أسعار المواد الأساسية في شهر رمضان، على عكس الأعوام الماضية، إذا التزم التجار بالقرارات الرسمية".

 

وكانت وزارة التجارة في تونس قرّرت في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي تجميد الزيادات في أسعار بعض أصناف المنتجات الاستهلاكية الحرّة المتمثلة بـ"المصبرات الغذائية، البسكويت والحلويات، المشروبات الغازية والعصير، مشتقات الحليب، مواد التنظيف المنزلي".

 

 

تقاطع الفصول

في المقابل، يتوقع الرياحي ارتفاع أسعار الخضر والفواكه، ويقول إنّ "تزامن شهر رمضان مع موسم تقاطع الفصول سيؤثر على كميات الخضر والفواكه المعروضة في الأسواق، وهو ما سينعكس آلياً على أسعارها".

 

ويتزامن شهر رمضان هذا العام مع ما يسمّيه المزارعون فترة تقاطع الفصول، وهي الفترة التي تأتي بعد نهاية موسم وقبل بداية موسم آخر، وتتسم عادةً بنقص في إنتاج مواد كثيرة كالخضراوات والفواكه والغلال.

 

ويزيد هذا المعطى من الضغط على السلطات التونسية التي تواجه منذ سنوات نقصاً في المحاصيل الزراعية بسبب وقوع البلد تحت تأثير التغيّرات المناخية التي دفعتها لاتخاذ قرارات كثيرة، منها حظر زراعة منتجات تستهلك كميات كبيرة من المياه، في وقت تسعى لإيجاد حلول بديلة لتجاوز أزمة شحّ المياه