"الصراع المحتدم: التحولات الاستراتيجية في معادلة الحرب بين إسرائيل وحزب الله

بقلم عبد الحميد عجم

"الصراع المحتدم: التحولات الاستراتيجية في معادلة الحرب بين إسرائيل وحزب الله

التحولات في شروط الحرب: ماذا وراء المشهد الحالي؟

 

يبدو أن حزب الله ليس في وارد الدخول في حرب شاملة في الوقت الحالي، بل يركز على تعزيز جبهة الدعم التي يواصل إبقاءها مشتعلة، طالما أن حرب الإبادة في غزة قائمة. الحزب يرفض فصل الجبهتين الفلسطينية واللبنانية، وبدلاً من ذلك، يرد على التصعيد الإسرائيلي بزيادة هجماته الصاروخية، حيث ارتفعت حصيلة الصواريخ من 337 في يناير إلى 1307 في أغسطس، وفقاً لإحصائيات "برنامج الصراعات المسلحة".

 

على الجانب الآخر، تؤكد إسرائيل عبر نخبها الأمنية والسياسية أنها قد تشن حرباً على لبنان، سواء الآن أو في المستقبل القريب. حتى أولئك الذين يترددون الآن يعتقدون بضرورة التخطيط الجيد لشروط الحرب، مع التأكيد على أن القرار قد يُتخذ في غضون بضع سنوات. في هذا الإطار، تستمر المناقشات في إسرائيل حول الحرب وتأثيرها على "النازحين الإسرائيليين" من المستوطنات الحدودية في الجليل الأعلى. هناك توافق متزايد على شن الحرب بين الشارع الإسرائيلي والنخب القيادية، لكن القرار النهائي لم يُحسم بعد. دعونا نلقي نظرة على الشروط التي ستحدد مصير أي حرب قادمة على لبنان وما طرأ عليها من تغييرات:

 

* توفر الذخيرة والأسلحة: كان النقص في الذخائر أحد أبرز العقبات التي واجهت إسرائيل في السابق. لكن الوضع تغير، حيث امتلأت مخازن الجيش الإسرائيلي بالأسلحة والذخائر، مما يقلل من تأثير هذه المشكلة على قرار الحرب.

 

 الشرعية الدولية: الولايات المتحدة لا تزال تعارض شن حرب جديدة، وتركز على الحلول السياسية والدبلوماسية. تعتبر هدنة في غزة وسيلة لوقف التصعيد على الحدود اللبنانية وشمال فلسطين. إذا فشلت الوساطة، تظل الولايات المتحدة داعمة لإسرائيل سياسياً وعسكرياً. ومع ذلك، قد يؤثر توقيت الحرب على الانتخابات الأمريكية في نوفمبر وشهادة نتنياهو في المحكمة في أكتوبر على قرار إسرائيل.

 

الشرعية الداخلية: الضغوط من مستوطنات الشمال تتزايد، حيث يطالب المواطنون بحلول تعيد لهم الأمان. في مظاهرة حديثة في نهاريا، طالب المتظاهرون بـ"شن حرب قوية وإزالة التهديدات". رغم أن مشاهد الدمار قد تكون رادعة، فإن الضغوط الجماهيرية تدفع نحو تصعيد عسكري.

 

 العامل الاقتصادي:

الأوضاع الاقتصادية في إسرائيل تشهد تدهوراً مستمراً، وتكلفة حرب غزة تصل إلى حوالي 70 مليار دولار، مع توقعات بزيادة هذه التكلفة. تشير التحليلات إلى أن حرباً على لبنان قد تكون أكثر تكلفة، مما يساهم في تقليص الحماسة العسكرية.

 

جاهزية الجيش الإسرائيلي: مع تقليص عدد القوات في غزة ونقل بعضها إلى الشمال، يشهد الجيش الإسرائيلي حالة من الإرهاق. رغم ذلك، تستعد القيادة العسكرية لشن هجوم على لبنان، مما يزيد من احتمالية اتخاذ قرار الحرب.

 

 انسداد الباب السياسي: في حال فشل الحلول السياسية، تستعد إسرائيل لخيارات بديلة تشمل إعادة بناء المستوطنات وتقديم مساعدات سخية. يبدو أن إسرائيل قد تلجأ إلى الحرب إذا فشلت الحلول السياسية، خاصة إذا أظهرت مقاومة المستوطنين للخطط البديلة.

 

الخشية من العاصفة التامة: تخشى إسرائيل التورط في حرب إقليمية شاملة دون استعداد مسبق ودعم كبير، مما يجعلها أكثر حذراً في اتخاذ قرار الحرب.

 

 عنصر المفاجأة: فقدت إسرائيل حالياً عنصر المفاجأة في شن حرب على حزب الله، مما يدفع بعض المحللين إلى الدعوة لتأجيل الهجوم إلى وقت يمكن فيه ضمان عنصر المفاجأة.

 

بالمجمل، رغم أن احتمالات شن حرب إسرائيلية على لبنان قد زادت، إلا أن هناك عوامل قوية ضدها، خاصة مع إدراك القيادة الإسرائيلية لحجم الدمار والتكاليف الباهظة التي قد تترتب على أي مغامرة غير محسوبة.