"نواف سلام في الشمال... وميقاتي في الزاوية: الدولة تواجه بقايا السلطة"
خاص مراسل نيوز

في لبنان، لا تموت الأكاذيب… بل يُعاد تدويرها في صالونات السياسة.
في دارة نجيب ميقاتي، كانت الوليمة المعتادة: وجوه مألوفة، كلمات مستهلكة، وولاء واحد... للمصالح الضيقة على حساب الوطن.
جلسوا كأن شيئًا لم يحدث. كأن طرابلس لم تُترك وحيدة في عزّ الفقر، كأن عكار لم تُهمّش لعقود، وكأنهم لم يكونوا شركاء في كل ما أوصل هذا البلد إلى الحضيض.
كان اللقاء أشبه بتشييع غير معلن لجمهورية الوهم.
في المقابل، وبين شوارع تعبق بالغضب والتوق للكرامة، دخل نواف سلام الشمال لا محاطًا بمواكب سوداء، بل بخريطة وطنية كاملة الوضوح.
لم يحتَج إلى بروتوكولات أو منصات… يكفي أنه كان يعرف اسم المدينة، وجعها، تاريخها، وأحلام ناسها المنسيين.
بين من جاء ليحمي إرث الإفلاس، ومن حضر ليبني مستقبل الدولة… انفجرت المفارقة.
"نهاية جيل… وبداية مشروع"
ميقاتي ومن معه، لم يأتوا ليقدّموا خطة، ولا ليعتذروا.
بل جاؤوا ليقولوا إنهم لا يزالون هنا… كأن الذاكرة الشعبية قصيرة، وكأن الناس فقدوا القدرة على التمييز بين جلاد ومُنقذ.
لكن الشمال اليوم قال كلمته.
سلام لم يزر فقط طرابلس… بل زار وجدان لبنان بأكمله.
أعاد تعريف معنى "رئيس حكومة"، بعدما تعوّدنا على رؤساء غائبين، مهادنين، خائفين من زعل الطوائف أو غضب الزعامات.
نواف سلام لم يكن في زيارة، بل في انتفاضة صامتة ضد منظومة تسلّلت إلى الدولة وأفرغتها من معناها.
"الدولة تبدأ من هنا… أو لا تكون"
ما فعله سلام ليس حدثًا، بل إشارة.
إشارة إلى أن زمن السكوت انتهى، وزمن الصفقات شارف على السقوط.
فمن يزور الشمال بهذا الشكل، في هذا التوقيت، ويقول هذا الكلام، لا يريد مقعدًا… بل مشروع وطن.
أما من اجتمعوا في دارة ميقاتي؟
فليراجعوا حساباتهم… لأن الأرض لم تعد لهم، والناس لم تعد تصدّق مسرحياتهم.
في لبنان اليوم، المشهد واضح:
من ينزل إلى الأرض سيصعد إلى السلطة.
ومن يختبئ خلف "البيانات" سيسقط… حتى لو بقي في الصورة.
نواف سلام دخل الشمال، فأربك اللعبة، وخلط الأوراق.
أما دارة ميقاتي؟
فبقيت كما هي… غرفة عمليات لفشلٍ يتكرر، وماضٍ يرفض أن يموت بهدوء.