طرابلس تردّ: لسنا مكبّ نفايات لفشلكم السياسي والإعلامي!

بقلم رئيسة التحرير ليندا المصري

طرابلس تردّ: لسنا مكبّ نفايات لفشلكم السياسي والإعلامي!

في كل مرة تهتز فيها طرابلس، تهرع وسائل الإعلام لتقديم المدينة كأنها "قندهار لبنان"، ويمسك السياسيون أقلامهم المسمومة لتجديد وصمها بمدينة الجريمة والفوضى والانفلات. لا أحد يقترب من جذر المشكلة. لا أحد يجرؤ على سؤال: من الذي أفقر طرابلس؟ من الذي دفع أبناءها إلى البطالة؟ من الذي خنقها بالعتمة والحرمان لعقود؟

طرابلس ليست "عاصمة الفقر" كما يسمونها، بل عاصمة المحرومين من أبسط حقوقهم، وهي ضحية ممنهجة للسياسات المركزية، والصفقات السياسية المشبوهة، والتحالفات التي تضع المدينة دومًا في خانة الإهمال المتعمد.

نقولها بالفم الملآن: كفى نفاقًا إعلاميًا. كفى انتقائية في التغطية. كفى استثمارًا في دم المدينة.

نقرأ في الصحف تقارير عن إطلاق نار في حي، أو شاب طعن جدته، أو كشك يبيع الكبتاغون. جميل، لكن لماذا لا تُنشر تقارير عن غياب المدارس؟ عن انقطاع الكهرباء؟ عن آلاف الشباب المتخرجين بلا وظائف؟ عن التمييز الإنمائي الصارخ الذي يجعل من بيروت وجبل لبنان مركزًا لكل استثمار بينما يُترك الشمال للخراب؟

 

هؤلاء ليسوا مجرمين... هؤلاء أبناء مدينة تُركت للانفجار. انفجار جوع، وقهر، ويأس.

 

طرابلس ليست مدينة مجرمين، بل مدينة مظلومة. وإذا كان هناك جريمة، فالجريمة الحقيقية هي إهمال الدولة، وتقاعس السياسيين الذين يظهرون فقط في مواسم الانتخابات.

 

نقول لهؤلاء السياسيين والإعلاميين: أنتم المشكلة. أنتم الفساد. أنتم الغياب. وأنتم أول من يجب أن يُحاسب.

 

لن نقبل بعد اليوم أن تكون طرابلس شماعة لكل فشل أمني أو اجتماعي. لن نصمت أمام تغطيات إعلامية لا ترى من المدينة سوى صورة قاتمة مفبركة، وتغضّ النظر عن تاريخها، ثقافتها، وشبابها الواعد.

نحن أبناء طرابلس لا نطلب عطفًا، بل عدالة. لا نطلب صورة جميلة، بل صورة حقيقية تُظهر كيف تُترك المدن لتُؤكل من الداخل، ثم يُلام أهلها على الجوع.

فإما أن تتحرك الدولة بكل أجهزتها، وتتعامل مع طرابلس كمدينة لبنانية كاملة الحقوق، أو فليصمت الجميع عن توزيع الأحكام.

طرابلس ليست للبيع. طرابلس لن تكون مكسر عصا أحد. وطرابلس ستبقى شوكة في حلق من يريد تحويلها إلى مسرح لخيباته السياسية.