لقاء الدوحة يهز الكواليس... وشنكر: إسرائيل تقوم بما ترفضه الدولة اللبنانية!

بقلم الكاتب و الباحث السياسي عبد الحميد عجم

لقاء الدوحة يهز الكواليس... وشنكر: إسرائيل تقوم بما ترفضه الدولة اللبنانية!

في تصريح يعادل صدمة سياسية مدوّية، خرج ديفيد شنكر، أحد أبرز وجوه الإدارة الأميركية السابقة، ليهزّ المشهد اللبناني من جذوره. الرجل الذي كان على تماس مباشر مع ملفات المنطقة خلال عهد ترامب، لم يكتفِ بقراءة المشهد، بل كشف نوايا واشنطن بلغة لا تعرف الدبلوماسية.

شنكر قالها بصراحة لم تعهدها السياسة الأميركية: الجيش اللبناني جيّد، لكنه لا يفعل ما يكفي. والدولة اللبنانية تفضل أن تقصف إسرائيل حزب الله... بدل أن تقوم هي بذل

في الشكل، يبدو أن واشنطن لا تزال تدعم الجيش اللبناني. لكن في المضمون، ما قاله شنكر أقرب إلى توبيخ ناعم: المؤسسة العسكرية مقبولة، لكن القرار السياسي مكبّل، والنتيجة؟ فُراغ تُملأه إسرائيل.

تصريح شنكر يُعيد طرح السؤال الذي يهرب منه الداخل اللبناني: من يحكم؟ ومن يقرر؟ ومن يتحمّل مسؤولية الحدود والسيادة؟

وعن ملف العلاقة مع إسرائيل، شنكر لم يُغلق الباب، بل أبقاه مواربًا بذكاء. التطبيع – بحسبه – "سابق لأوانه"، لكن المفاوضات على ترسيم الحدود تمضي. هذه ليست براءة ذمة، بل مرحلة أولى من خطة أوسع.

واشنطن لا تريد تطبيعًا الآن، لكنها تبني الطريق إليه خطوة خطوة، عبر اتفاقات نفطية وحدودية... والسياسة تأتي لاحقًا.

أما المفاجأة الأوضح فكانت توصيف شنكر لقوات اليونيفيل: "غير فعّالة كما كانت دائمًا". لا حاجة للتحليل هنا. واشنطن تعتبر أن وجود اليونيفيل شكلي، وأن القرارات الجدية لا تُصنع في الناقورة... بل في تل أبيب وبيروت.

اللقاء السرّي في الدوحة... ودهاء النفي الأميركي

عن الحديث عن لقاء جمع مسؤولًا لبنانيًا بشخصية إسرائيلية في الدوحة، لم يُنكر شنكر القصة، بل فقط قال إنها "غير مفيدة". وهذه جملة مشفّرة بلغة السياسيين: اللقاء ربما حصل، لكن لا مصلحة الآن في الاعتراف به.

هذا النفي الذكي يعيد طرح السؤال: هل هناك قناة خلفية تُدار بصمت؟ ومن يملك مفاتيحها؟

تصريحات شنكر لم تكن مجرد تحليل. كانت تشريحًا قاسيًا لحالة الدولة اللبنانية، ووضع الجيش، والدور الإسرائيلي، والحسابات الأميركية. لا مجاملات. لا تغطية على الواقع.

لبنان، كما تراه واشنطن، يعيش على "أوكسيجين خارجي"، عاجز عن مواجهة الداخل، ومربوط بخيوط إقليمية... بينما القرار الحقيقي يُصنع بعيدًا عن طاولة مجلس الوزراء.

 

الرسالة واضحة: إذا لم يتحرّك لبنان، فهناك من سيتحرّك عنه. وإذا لم يحسم خياراته، فستُفرض عليه الخيارات.