نصرالله يتنمّر..وإسرائيل تقصف!
بقلم رئيسة التحرير ليندا المصري
لم يأتِ الخطاب الرمضاني للأمين العام لحزب الله حسن نصرالله بجديد.يكرّر ما قاله في بدء حرب 7 و8 أوكتوبر، بأنّ المقاومة الفلسطينية في غزّة لا بدّ منتصرة ولو سقطت رفح بعد شمال وجنوب القطاع، وأنّ المقاومة الإسلامية في لبنان قد حقّقت أهدافها في إشغال جيش العدو، وفي تهجير مئة ألف مستوطن، وفي منع الإسرائيليين من إجتياح البلد بفضل "توازن الرعب" الذي فرضته وتفرضه قوّات الرضوان ومقاتلو النخبة، وبفضل "إقبال الشباب على الشهادة بثقافة إيمانيّة من كتاب الله.."، وبفضل "الزفّة والأعراس.." التي تُقام للشهداء وعلى البثّ المباشر فيما العدوّ يخفي قتلاه وهذا له وقعه على الجيش الإسرائيلي!
كان السيّد نصرالله فرِحاً مسروراً بما يؤدّيه الحزب، كما كان فرِحاً بإقبال الشباب على الموت "على طريق القدس.." في عمق البقاع والداخل الجنوبي (يبدو أنّ طريق القدس لم تعد تمرّ في جونيه أو القصير أو مقام السيّدة زينب..) دون أن يشرح للمستمعين والمشاهدين، وقد باتوا في أغلبيّتهم من بيئته الحاضنة ليس إلّا، إذا ما كانت المسافة الفاصلة عن القدس هي أقرب أو أبعد من جغرافية رفح، أو من جغرافيّة العمق اللبناني، ودون أن يبالي بتساؤلاتنا البسيطة:هل باتت "حماس" بعد عمليّة "طوفان الأقصى" أبعد أو أقرب إلى الصلاة في المسجد الأقصى..وهل يستحقّ تهجير مئة ألف مستوطن من الجليل الأعلى (إلى الفنادق والأماكن الدافئة) تهجيراً مقابلاً لمئة ألف جنوبي (حتّى الساعة) ولمليوني غزّاوي وغزّاوية يتوهون في الفلاة والأراضي الوعرة، وربّما الآتي أعظم؟
وحتّى يشعرنا الأمين العام بالأمان والإطمئنان إلى "النصر المبين بإذن الله تعالى"، لجأ إلى شيء من الفكاهة، متنمّراً على كلام سابق للنائب نديم الجميّل، بقوله خلال خطابه:"إنّ العدوّ الإسرائيلي بات يدفع على الجبهة الشماليّة أثماناً باهظة..وليس ثمناً بهيظاً" حسب ما ورد على لسان الجميّل الذي طالما يقع في أخطاء مشابهة تجعله عرضة للتهكّم على مواقع التواصل الإجتماعي!
أن يتهكّم الأمين العام الرصين، هو الجديد الوحيد في خطابه الرمضاني الأول، وإلّا لكانت ساعة من الحديث عن هشاشة إسرائيل وصلابة محور الممانعة لتختصر بعبارة "سبق أن سمعنا هذا الكلام..".ولكن ما لم يأتِ على ذكره السيّد هو أنّ فوق مكان إقامته كانت تحوم الطائرات العدوّة من كلّ الأحجام والأنواع.وأنّ كلماته كانت تتوالى على دويّ القصف فوق بلدات الليونة وميس الجبل وعيتا الشعب.وأنّ قياديّاً جديداً من كتائب القسّام يُدعى هادي مصطفى قد اغتيل على طريق صور – الناقورة قرب مفرق الحوش ما أن خرج من مخيّم الرشيديّة.وأنّ الأميركيين (الشيطان الأكبر) في طور إقامة مرفأ لهم على شاطئ غزّة.وأنّ المداولات الجادّة تدور في الأروقة العربية والدولية حول "اليوم التالي" لانتهاء الحرب:مَن يستلم زمام الحكم في القطاع، مدير الإستخبارات الفلسطينية في الضفّة الغربية ماجد فرج أو القيادي المنشقّ عن حركة فتح محمّد دحلان بالتعاون مع القائد في حركة فتح الأسير مروان البرغوتي، ساعياً إلى إطلاق سراحه كشرط ضروري لنجاح إنتقال السلطة؟
كما نسي السيّد نصرالله أن يتحدّث عن جوع أطفال غزّة، متجاهلاً الدور (العظيم) الذي تقوم به طهران لتوفير الغذاء والدواء لهم.وعن أكثر من ثلاثين ألف شهيد من المدنيين.وعن الدمار الهائل الذي حوّل مدناً بكاملها إلى أماكن غير صالحة للسكن والعيش..وعن حوالي 250 شهيداً من مقاتليه ومن عناصر "قوّات الفجر" الذين سقطوا في الطريق المفترض أن يصل بهم إلى القدس:فهل لا تزال طريق القدس مُتاحة لكم أو لأذرع إيران بعد ما جرى في غزّة؟ وهل لا يزال وعد حرس الثورة الإيراني قائماً بإزالة الكيان الصهيوني في دقائق معدودة..أم أنّكم لا زلتم تنتظرون، على حدّ قول النائب محمد رعد، أن يرتكب العدو "الخطيئة الكبرى":فهل تعِدنا، أيّها السيّد، بأن تحدّد لنا في خطبة رمضان الثانية "ماهيّة" هذه الخطيئة الكبرى؟