حزب الله "يتكتك" بأكثر من 30 شهيداً!
خاص مراسل نيوز
حزب الله "يتكتك" بأكثر من 30 شهيداً!
لم ينتقل، بعد، حزب الله الى الإستراتيجية القتاليّة.لا يزال يشاغل الحدود الشمالية مع إسرائيل بما يسمّى "قواعد اللعبة" أي ضمن الخمسة كيلومترات عمقاً.وهو لم يستعمل أيّا من صواريخه المتوسطة والبعيدة المدى، مكتفياً بالصواريخ الموجّهة ضدّ آليات العدو أو مواقعه القريبة من الحدود.
صحيح أنّ الكلفة البشرية في صفوف الحزب عالية نسبيّاً (أكثر من 30 شهيداً) في حوالي 15 يوماً، ولكنّ هذا ثمن عدم رغبته، حتى الساعة، في القيام بحرب مفتوحة مع الجيش الإسرائيلي.لذلك يلجأ الى "التكتيك العسكري" الذي يفرض الإقتراب كثيراً من العدو، ما يجعله يتكبّد هذا العدد من الشهداء، بمعنى أنّه يلتزم بالحدّ الأدنى من القتال، بثمن مرتفع في الرجال.
لماذا يفعل الحزب كلّ ذلك؟
لا شكّ أنّ قيادة الحزب تراقب عن كثب ما يجري من تدمير ممنهج لغزّة ما يجعل أبراجها وبناياتها وبيوتها أشبه بالركام، في سياسة الأرض المحروقة التي تقوم على قصف الطيران، وعلى ضرب الصواريخ البعيدة المدى والثقيلة المتوفّرة في الترسانة الإسرائيلية بدعم غير محدود من الولايات الأميركية المتحدة.
كما ينظر بعين الجدّ والحسابات الدقيقة الى وجود حاملات الطائرات والبوارج الأميركية عند شاطئ البحر المتوسط، مدركاً أنّ ذلك ليس مجرّد إستعراض قوّة عسكرية، بل هذا حضور للمشاركة إذا ما دعت الحاجة، ما يمكن أن يتسبّب ليس بدمار لبناني فقط، وإنّما يمكن أن يطال وجود النظام السوري برمّته (وهذا ما يفسّر الحياد السوري المطلق، وصمت الرئيس بشار الأسد رغم الضربات اليوميّة لمطاري حلب ودمشق)، كما يمكن أن يطال العمق الإيراني، وهذا "قرار" لا يتّخذه الحزب مهما بلغ دوره وحجمه العسكري، بل تتّخذه القيادة الإيرانية، على مستوى الخامنئي والحرس الثوري، ليس إلّا!
كما يعلم الحزب أنّ بيئته الحاضنة، على ولائها المطلق له، لا تستطيع أن تتحمّل نتائج الحرب الواسعة، مهما كان تنظيم النزوح ناجحاً ومدروساً.فالبيئات اللبنانية الأخرى قد تبدّل مزاجها عن العام 2006، وباتت بيئات متنافرة لن يخفّف منها الكثير ما يتداوله البعض عن "بيوتنا المفتوحة"، فإبن الجنوب والضاحية الذي أحسّ طوال السنوات الأخيرة بزهو التفوّق على باقي اللبنانيين، يصعب عليه أن يشعر أنّه "ضيف غير مرحّب به" مهما علت الإبتسامات، ومهما تحدّث وليد جنبلاط عن منازل الجبل المفتوحة لكلّ الطوائف المسيحية والسنّية والشيعية!
كلّ هذه العوامل مجتمعةً تجعل الحزب يتعقّل ويمارس أقصى درجات الحكمة، متحمّلاً بعض الإنتقادات باتقصير وما شابه، كما يتحمّل النزف البطيء بعناصره والذي يتكبّده جرّاء اعتماد "التكتيك"، حريصاً ومتمنّياً أن لا يضطرّ الى "الإستراتيجية" لأنّ فيها حرباً إقليمية لن ينجو منها أحد، وستكون فيها إيران هي الخاسر الأكير، بعد أن تكون – حتّى الساعة – هي الرابح الأكبر من "طوفان الأقصى" ومن الطوفان الإسرائيلي الجارف لغزّة وأهل غزّة!