متى يتحرك القضاء اللبناني لتوقيف وفيق صفا قبل فوات الأوان؟
بقلم رئيسة التحرير ليندا المصري
عندما يتحدث وفيق صفا، مسؤول وحدة الارتباط في حزب الله، عن "قوة الحزب" و"استمداده القوة من الله"، يبدو وكأنه يخاطب جمهورا يجهل حقيقة الوضع اللبناني. لكن الحقيقة واضحة كالشمس: لبنان يعاني، والسبب ليس مجهولا. حزب الله الذي بدأ كحركة مقاومة أصبح اليوم أحد الأسباب الرئيسية لانهيار الدولة اللبنانية.
ما يصفه صفا على أنه "قوة" لا يُترجم إلا إلى سلاح غير شرعي وهيمنة على القرار اللبناني. كيف يُمكن الحديث عن مقاومة بينما المواطن اللبناني لا يجد دواءه، ولا يستطيع شراء الخبز، ويعيش في ظلام دائم بسبب انقطاع الكهرباء؟ من يحمي لبنان فعلاً: السلاح أم مؤسسات الدولة؟ الحقيقة أن لبنان أصبح رهينة أجندات إقليمية بفضل سياسة الحزب.
يردّد صفا أن "حزب الله أقوى مما كان"، لكن الأقوى ليس من يرفع السلاح، بل من يكسب ثقة شعبه. اللبنانيون اليوم يعلمون أن حزب الله، وإن حمل السلاح، عاجز عن حماية لبنان من أزماته الاقتصادية والسياسية. ما جدوى هذه القوة حين يعجز الحزب عن توفير أساسيات الحياة لشعبه؟
تحدث صفا عن انفتاح الحزب على قائد الجيش لكنه أصر على "فيتو" ضد شخصيات لبنانية أخرى مثل سمير جعجع. هذه ليست لغة الانفتاح، بل لغة الإقصاء والتخوين. هل أصبح حزب الله الوصي على المشهد السياسي، يقرر من يحق له الوجود ومن عليه الرحيل؟ لبنان ليس ملكاً لفئة أو حزب، ولا يمكن لحزب واحد أن يفرض أجندته على الجميع.
صفا يقول إن الحزب سيحمي اللبنانيين من "التشبيح"، لكن الواقع أن التشبيح الحقيقي هو تفرّد حزب الله بالسلاح واتخاذه قرارات مصيرية دون العودة للدولة أو الشعب. من يحمي اللبنانيين من الأزمات الاقتصادية، ومن يحميهم من عزل لبنان عن العالم؟ الحزب الذي يدّعي حماية لبنان هو نفسه الذي يُغرقه في عزلة دولية بسبب ارتباطاته الخارجية.
اللبنانيون تعبوا من الشعارات والخطابات. الشعب اللبناني لا يحتاج إلى استعراضات قوة أو وعود فارغة، بل إلى أفعال ملموسة تحسّن حياته اليومية. إذا كان حزب الله يعتقد أن مقاومته "أقوى من الحديد"، فعليه أن يواجه الواقع: الحديد لا يبني اقتصاداً ولا يشغّل مصانع ولا يوفر وظائف. الحل الوحيد هو بناء دولة قوية، جيش واحد، وسلطة واحدة.
زمن الشعارات انتهى. لبنان بحاجة إلى دولة لجميع أبنائه، لا إلى دويلة داخل الدولة. حزب الله أمام خيارين: إما العودة إلى حضن الدولة اللبنانية كشريك حقيقي، أو البقاء في عزلة مع شعارات لا تطعم جائعا ولا تعيد الكهرباء إلى المنازل. الخيار للشعب، والتاريخ لن يرحم المتخاذلين.