طهران تُلوّح بالعصا للبنان: هل أصبحت بيروت تحت الوصاية الإيرانية؟
بقلم رئيسة التحرير ليندا المصري
مرة أخرى، تثبت طهران أنها لم تكتفِ بالتمدد عسكرياً عبر أذرعها في المنطقة، بل تسعى أيضاً لفرض وصاية سياسية على الدول التي تعتبرها "حديقتها الخلفية". تصريحات النائب الإيراني رضائي الأخيرة ليست سوى محاولة مكشوفة لليّ ذراع بيروت، واستعراض قوة دبلوماسية تغلّفها عبارات "النصح" والتهديد المبطن.
فأن يطالب مسؤول إيراني وزارة خارجية بلاده بـ"متابعة" تصرفات حكومة لبنانية ذات سيادة، وأن يُلوح بشبح "التأثير الغربي"، فهذا يعكس بوضوح المنطق الفوقي الذي تنتهجه طهران في تعاملها مع شركائها، أو بالأحرى مع الدول التي ترزح تحت عباءة نفوذها. هل أصبحت بيروت اليوم بحاجة إلى "موافقة" إيرانية على قراراتها الداخلية؟ أم أن طهران ترفض أي نوع من الاستقلالية السياسية في لبنان، حتى لو جاء ذلك ضمن نطاق سيادة الدولة اللبنانية؟
في كل مرة تُدلي فيها إيران بمثل هذه التصريحات، تتضح المعادلة التي تريد فرضها: محور طهران فوق المحاسبة، وأي محاولة للاقتراب من أدواتها هي "خط أحمر" يُواجه بلغة التهديد الدبلوماسي. الرسالة واضحة: لبنان ليس دولة ذات سيادة كاملة بنظر إيران، بل هو ساحة نفوذ لا تحتمل الخطأ من وجهة نظر "الحرس الثوري الدبلوماسي".
لقد اعتادت طهران على استخدام لغة "الدفاع عن المقاومة" كذريعة لتبرير التدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية. لكن ما يتجاهله المسؤولون الإيرانيون أن المقاومة الحقيقية لا تحتاج إلى مظلة حماية سياسية من الخارج، ولا إلى تصريحات فوقية تحمل في طياتها إهانة للقرار اللبناني المستقل.
إن سياسة التخويف الدبلوماسي التي تمارسها إيران لن تفلح في ترهيب لبنان ولا حكومته. فالمنطقة اليوم تعيش متغيرات كبرى، والمشهد الإقليمي ليس كما كان قبل سنوات. وإذا كانت طهران تعتقد أنها تستطيع الحفاظ على نفوذها من خلال دبلوماسية الإملاءات، فإنها تخطئ في قراءة مستقبل المعادلات السياسية في الشرق الأوسط.
في النهاية، يبقى للبنان وحده الحق في رسم سياساته، سواء أعجبت طهران أم لا. ومن واجب الحكومة اللبنانية أن ترفض أي تدخل خارجي أو محاولة لفرض الوصاية، بغض النظر عن الجهة التي تمارسه.