لبنان بحاجة لرئيس استثنائي يقود مرحلة انتقالية...!!
.. بقلم مدير المركز اللبناني للابحاث والاستشارات.. حسان القطب
بعد اقل من شهر من المفترض ان تعقد جلسة انتخاب الرئيس العتيد للجمهورية اللبنانية، بعد تعطيل مفتعل ومبرمج لاكثر من سنتين من الزمن للمؤسسات الدستورية اللبنانية، لابقاء لبنان ساحة صراع، وتظهير مواقف، وتأكيد ارتباط وترابط بمحور التدخل في شؤون الدول المجاورة والهيمنة على الداخل بحكم هذا الانتماء العقائدي والفكري والسياسي لفريقٍ من اللبنانيين..وقد دفع لبنان واللبنانيين ثمن هذا التعطيل والتغييب لموقع الرئاسة الاولى.. تفكيك السلطة التنفيذية، وجعلها شكلاً وهيكلاً غير فاعل على الاطلاق.. ثمناً باهظاً لا يمكن الخروج منه بسهولة..
منذ العام 2005، ونحن في لبنان، نعالج ازماتنا بطريقة التسويات والتوافقات وتبادل المصالح والتخفيف من الاضرار، والحد من الخسائر.. والتفاهم بين قوى وفعاليات المنظومة السياسية الحاكمة بعضها حاضر وفاعل بقوة السلاح وميليشيا الامر الواقع، والبعض الآخر بقوة الحاجة لوجوده وضرورة مشاركته، باعتبار ان هذا هو لبنان بلد التعددية والنموذج الرسالي ودرة الشرق الاوسط..!!
الانتخابات الرئاسية والانتخابات النيابية، والتكليف الحكومي وتركيب الحكومات من الرئيس الى الوزارء، يتم بالتراضي، وبتوافق على تقسيم الحصص والنفوذ، ومشهد الحكومات المتعاقبة منذ العام 2005، التي فرضتها قوى الامر الواقع بكافة تشكيلاتها ومسمياتها قادت لبنان الوطن والشعب الى حالة الانهيار الاقتصادي والافلاس المالي، والغياب السياسي والتضليل الاعلامي، والفلتان الامني، والفوضى غير المسبوقة، على كافة المستويات..!!
تعطيل الانتخابات الرئاسية عمل مبرمج وممنهج منذ العام 2007، بعد انتهاء ولاية الرئيس الاسبق، إميل لحود، امتنع الثنائي الحاكم عن فتح ابواب المجلس النيابي، وحاصر القصر الحكومي، حتى تم انتخاب الرئيس السابق ميشال سليمان، لادارة الواقع اللبناني، والابقاء عليه كما هو، دون معالجة، او بحث سبل الخروج من الازمة السياسية التي يعيشها لبنان، وتنعكس على مختلف المستويات المالية والاقتصادية والامنية وحتى السياسة الخارجية مع تدخل حزب الله في الحرب السورية والعراقية، واليمنية..دون توافق داخلي او حتى الالتفات الى الانعكاسات السلبية على الانسجام الداخلي والعلاقات اللبنانية مع دول الخارج وخاصة العربية منها.. على قاعدة (نكون حيث يجب ان نكون).. كما قال امينه العام السابق الراحل حسن نصرالله...
عقب انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال سليمان عشنا مرحلة التعطيل لانتخابات الرئاسة مجدداً، تحت عناوين وشعارات متكررة ولكنها تؤمد الرغبة في الهيمنة والسيطرة والتحكم في السلطة بما يخدم طهران وادواتها دون النظر للمصلحة اللبنانية ومستقبل لبنان وشعبه ومواطنيه..وبعد اكثر من عامين ونصف، توافقت قوى المنظومة السياسية على تقاسم النفوذ والمصالح، وتم انتخاب شريك الثنائي ميشال عون رئيساً للجمهورية، وايضاً على قاعدة ادارة الازمة بما يخدم مصلحة محور طهران وترسيخ هيمنة الثنائي على كافة المؤسسات الرسمية بشكلٍ قانوني ان لم نقل دستوري..وكانت الفضيحة الكبرى، اتفاقية الترسيم البحري مع الكيان الغاصب (اسرائيل).. التي توافق عليها الثنائي الحاكم، مع رئيس الجمهورية انذاك، ومع رئيس الحكومة ايضاً.. وتخلى فيها لبنان عن مساحة وازنة من المنطقة البحرية الاقتصادية لمصلحة اسرائيل، وامتنع رئيس مجلس النواب نبيه بري عن عرض الاتفاقية على مجلس النواب للاطلاع عليها او حتى ابداء النظر بمضمونها.. وكما كان متحكماً بمسار التفاوض والخلاصات، مارس ديكتاتوريته في تغييب النتائج والتداعيات.. بذريعة انها ليست اتفاقية بل تفاهم...؟.... في حين ان اسرائيل الكيان العدو، عرض الاتفاقية على مجلسه (الكنيست) للحصول على موافقته...وكان ان قرا اللبنانيون مضمونها في الصحافة الاسرائيلية...!! ولم يتم نفي اي بند من بنودها من قبل الفريق الحاكم.. كما ان المنظومة الحاكمة صمتت صمت القبور عن هذه الفضيحة والخسارة الجغرافية من مساحة لبنان البحرية الاقتصادية كما عن عدم احترام المؤسسات الدستورية والاطر القانونية لعقد اتفاقات مع دول اخرى خاصة بما يتعلق بترسيم حدود..؟؟؟
وكانت المصيبة الاكبر في الانهيار المالي والاقتصادي، التي اصابت اللبنانيين نتيجة الفساد المستشري في المؤسسات الرسمية وتبادل الرسميون وكل من كان وما زال في مواقع القرار الاتهامات بتحمل مسؤولية الفساد الذي ادى الى الانهيار وضياع اموال اللبنانيين وضرب الاقتصاد، وفقدان الثقة بالقطاع المصرفي، وتراجع الدخل القومي اللبناني، وغياب الاستثمارات، وتزايد الهجرة الرسمية وغير الشرعية من قبل اللبنانيين للخروج من نفق الانهيار والعوز والفقر الذي ضرب المجتمع اللبناني..
ومع ذلك عاد هذا الفريق لممارسة اسلوبه في التعطيل وفرض الشروط وترسيخ دوره متضامناً متكافلاً مع باقي ادوات المنظومة السياسية التي لا ترى الا التفاهم والتسوية حلاً بدلاً من المواجهة ورفض الامر الواقع الذي ادى بأن يكون لبنان في حالة مزرية.. وخلال هذا التعطيل الذي يهدف الى انتخاب رئيس جمهورية يضمن استمرار النفوذ والهيمنة ويكون رئيساً لادارة الازمة واستمرار معاناتنا في لبنان، وقعت الحرب الاسرائيلية المدمرة التي فاقمت من آلامنا واوجاعنا وخسائرنا في مختلف القطاعات واولها الانساني حيث خسر لبنان الآلاف من ابنائه بين قتلى وجرحى، وتدمير قطاعات واسعة من بنيته التحتية، من مدنٍ وقرى ومؤسسات.. ورغم الخسائر الفادحة والآلام المتفاقمة الا ان هذه المنظومة لا زالت تراهن على انتخاب رئيس لادارة الازمة وليس للخروج منها..؟؟
الخلاصة
رفض اية تسويات وتفاهمات على شخصية الرئيس حتى لا تتكرر مساويء المرحلة الماضية
ان مستقبل لبنان اهم بكثير من مصالح قوى واحزاب وشخصيات.. وان المطلوب هو الخروج من الازمة الحالية وليس ادارتها..!!
انتخاب شخصية استثنائية تحمل برنامجاً ورؤية ومشروعاً يتجاوز مصالح هذه الفئة او تلك
انتخاب شخصية تتميز باحترام داخلي، وليس (اجماع داخلي)..وتحظى بدعم عربي ودولي لانقاذ لبنان
اعتبار المرحلة الرئاسية المقبلة، مرحلة انتقالية تتطلب شخصية استثنائية، لم تشترك في تسويات سابقة وتفاهمات مدمرة
ضبط الوضع الداخلي بشكل كامل، واحياء عمل المؤسسات الدستورية والادارية
وطن واحد معناه، مؤسسات واحدة بكل مسمياتها، واولها، لا سلاح الا سلاح الشرعية..
تجريد كل المجموعات المسلحة من سلاحها والالتزام بالقرارات الدولية التي تنص على ذلك
محاسبة منظومة الفساد التي حكمت لبنان طوال سنوات واسترجاع الاموال المنهوبة
عودة الحياة البرلمانية والتنافس السياسي على تقديم الافضل للوطن وليس للطائفة او الحرب او المجموعة
سياسة خارجية تقوم على التوازن وحفظ المصلحة الوطنية
حياد لبنان عن الانخراط في سياسة المحاور الاقليمية السياسية التي تقود لبنان واللبنانيين الى حيث لا يريدون