الحلبي - شعبان وجنبلاط - الحريري!

بقلم مراسل نيوز

الحلبي - شعبان وجنبلاط - الحريري!

ليس غريباً ولا مستغرباً على الزعيم وليد جنبلاط أن يستدير 180 أو 360 درجة (حسب الوضع المستجد) كلّما اشتمّ أنفه السياسي أنّ هناك تحوّلات ما، على الصعيد الداخلي أو الإقليمي أو الدولي.فهو تحت عنوان "الخوف على الدروز" يستبيح كلّ المحظورات والصداقات، تماماً كما يفعل رئيس التيّار الوطني الحر جبران باسيل الذي يستبيح كلّ القيم والعلاقات تحت عنوان "الدفاع عن حقوق المسيحيين".

مع الحرب على غزّة، رأى جنبلاط أنّ الطائفة الدرزيّة في مهبّ الريح والتناقضات:في إسرائيل يقاتل الجنود الدروز جنباً إلى جنب مع الجنود الصهاينة.في سوريا تنتفض السويداء ضدّ حكم بشار الأسد..فكيف يتصرّف في لبنان؟ما كان له إلّا أنّ دعا الى الكفاح المسلّح، مزايداً في ذلك على حزب الله الذي لا يزال يدوزن حربه المحدودة مع إسرائيل في الجنوب اللبناني.إختار أقصى التطرّف، معتبراً بذلك أنّه يغطّي على مواقف الطائفة في إسرائيل وفي سوريا التي تتناقض عمليّاً مع توجّهات حزب الله وإيران، وقد وصل به الأمر الى تلبية دعوة السفير الإيراني الى العشاء، ولو أثار ذلك نقمة السفراء الغربيين، إلّا أنّ جنبلاط يحسبها كالتالي:طهران ووفيق صفا جاهزان للقتل والإغتيال، أمّا سفراء الغرب فأقصى ما يفعلونه هو إبداء الإنزعاج وتوجيه اللوم والعتاب!

ينفي جنبلاط، في حديث صحافي، وجود أيّ إتّصال بينه وبين الرئيس سعد الحريري منذ الإنتخابات النيابية الأخيرة، وهو يدرك أنّ الحريري، وحتّى إشعار طويل، لا مكان له في السياسة اللبنانية..فلماذا التشبّث بصداقته أو لماذا الحفاظ على مواقعه في الدولة؟ الإنقلاب عليه يصبح مشروعاً طالما أنّه "لا مصلحة مشتركة بين الرجلين في المدى المنظور"، فلماذا عدم إرضاء الرئيس نبيه برّي على حساب تيّار المستقبل؟

وهذا ما فعله في موضوع رئيسة دائرة الإمتحانات وأمينة سرّ المعادلات للتعليم ما قبل الجامعي أمل شعبان، حيث أوعز الى وزير التربية عبّاس الحلبي بكفّ يدها وتعيين بديل بالإنابة عنها بحجّة إستكمال التحقيقات الجارية في الوزارة حول اختلاس ملايين الليرات لقاء خدمات وسمسرات لا تخلو منها وزارة واحدة في الدولة..فلماذا سارع الوزير الحلبي الى هذا الإجراء، مع العلم أنّ شعبان قد جرى إطلاق سراحها من السجن بناء لعدم توفّر الأدلّة الكافية لإدانتها؟ 

ببساطة، لأنّ جنبلاط يريد أن يُرضي نبيه بري، ولو على حساب الحريري، حيث أنّ هذه الموظّفة المسؤولة – كما يقال – تعيق سيطرة حركة أمل المعروفة على كلّ دوائر الوزارة باستثناء الدائرة التي تشرف عليها شعبان، وهي محسوبة على تيّار المستقبل.

وقد قام تيّار المستقبل بشنّ حملة شعواء على الحلبي الذي وزّع بياناً دافع فيه عن مرجعيته السياسية وعن نزاهته الشخصية بقوله:"يأسف المكتب الاعلامي لوزير التربية والتعليم العالي لإقحام مرجعية سياسية لا تتدخّل بعمل الوزارة لا من قريب ولا من بعيد إلا بما تستوجبه العلاقات الطبيعية والتواصل، فيما تيار المستقبل حمل بتدخّله السياسي في عمل الوزارة الكثير من علامات الاستفهام وأيضاً الخفة في التعاطي مع وزير يشهد الجميع على مناقبيته وعمله الاخلاقي والتربوي وسياساته الاصلاحية في الوزارة..".

وكما أخذ الحلبي على تيّار المستقبل "ما وصل إليه هذا التيار السياسي من درك.."، كذلك فعل جنبلاط بربطه دفاع المستقبل عن شعبان بأنّه عائد إلى أنّها "قريبة السفير فوق العادة لسعد الحريري في موسكو"، وأنّ موقف التيّار"من الماضي، وما فعله الوزير طبيعي طالما هناك تحقيق بالفساد..".

وفي العودة الى الماضي، لا بدّ من إستذكار عدد المرّات التي كان يبتزّ فيها جنبلاط نفسه رئيس الحكومة الشهيد رفيق الحريري لتمرير صفقة هنا أو مشروع هناك..أمّا في العودة الى الفساد وملفّاته، فيكفي التذكير بحكاية "الدفترين" اللذين كان يستعملهما جنبلاط للتهرّب من الضرائب، وقد قال ذلك بعضمة لسانه وليس بلسان غيره.

جنبلاط، كلّما استدار، باع صديقاً واشترى ودّ عدوّ..والقائمة تطول وتطول وتطول!