ماذا ربحت فلسطين؟

خاص مراسل نيوز

ماذا ربحت فلسطين؟

ماذا ربحت فلسطين؟

 

صحيح أنّ الصفيح ساخن بين غزّة وإسرائيل، لا بل ملتهب، وصحيح أنّ الحرب لا تزال في بداياتها، ولكن لا بدّ من بعض الوقائع والإستنتاجات والأسئلة.

في الوقائع، حقّقت حركة "حماس" نصراً غير مسبوق طوال تاريخ الصراع العربي – الإسرائيلي.إستطاعت بحوالي ألف مقاتل، كما يقال، أن تسقط في أقلّ من ساعتين من الزمن، حوالي ألف قتيل إسرائيلي (عدا الجرحى والأسرى)، ما يجعلها، عن حقّ وجدارة، تستحقّ الإدّعاء أنّها قد كسرت مقولة "الجيش الذي لا يُقهر":فالجيش الأقوى في العالم قد ُقهر، وأربك، وتزعزعت قيادته وقواعده، ولا يزال حتّى الساعة تحت تأثير الذهول والحسابات غير المتوقّعة.وقد صدق أحد مسؤولي المخابرات الإسرائيليين السابقين حين قال "كانت مخابراتنا هي الأقوى في العالم حتّى صباح الأمس"، والمقصود بالأمس حين اخترق مقاتلو حماس الحصار المفروض على غزّة، مسجّلين الغلبة والتفوّق على أسطورة إسرائيل.

هذه حقيقة غير قابلة للشكّ أو التردّد في إثباتها، وفي تدريسها في العلم العسكري، لأجيال قادمة..ولكن، ماذا عن الإستنتاجات؟

نستنتج أنّ العين يمكن أن تقاوم المخرز.وأنّ الشعب العربي قد تذوّق جرعة زهو وأمل كان يفترض أنّها قد زالت من قاموس يوميّاته وانتصاراته.وأنّ فلسطين، رغم الإنشغالات الخاصة في كلّ بلد في هذا المحيط العربي (سوريا، لبنان، اليمن، العراق، ليبيا، السودان..وحتى مصر) لا تزال تجد لها مكاناً دفيناً في البال والوجدان والعقل العربي المثقل بالعواطف وردّات الفعل، لا بالعلم والتخطيط والدم البارد.لا يزال دمنا حامياً، كأنّنا لم نتعلّم شيئاً من إخفاقاتنا.نهلّل للحظة الراهنة، نتناسى اللحظة السابقة، ولا نفتكر بما يمكن أن تحمله اللحظة الآتية.نحن شعوب، غريزتنا هي الثابت الوحيد في مساراتنا، وعقولنا هي المتحوّل الدائم، صعوداً وهبوطاً، بما يشبه رمزيّاً "الثابت والمتحوّل" في كتاب الشاعر أدونيس.

أمّا حول الأسئلة فعديدة، ولا أجوبة جاهزة لها.مجرّد أسئلة في فضاء يغلي، من واشنطن إلى طهران، ومن غلاف غزّة الى مزارع شبعا، ومن برج قد تهدّم فوق رؤوس ساكنيه إلى قتال لا يزال يدور من حيّ الى حيّ في مستوطنات تفرغ من مستوطنيها.

السؤال الأبرز:ماذا ربحت فلسطين؟

هل ما جرى، يفتح الباب أمام الرؤوس الباردة في إسرائيل وفي واشنطن وفي إيران حتى تقتنع بأنّ حلّ الدولتين وحده يضع حدّاً لحمّام الدم في الشرق الأوسط الملتهب؟ هل يمكن للفلسطينيين (في غزّة وفي الضفّة وفي الشتات) أن يديروا أوراق المفاوضات بما يجعلهم يقطفون ثمار ما جنته بنادقهم، وجناه دمهم المراق؟ هل تمتلك "حماس" قرار الحرب والسلم في غزّة، أم هي باتت "بيدقاً" إيرانياً (كما هي حال حزب الله الذي يختطف بيروت ولبنان)؟ هل نحن أمام شلّال دم لا يتوقّف، أو أمام صحوة بأنّ الحصار يولّد العنف، وأنّ قطع الكهرباء والماء والغذاء عن جيل جديد من الأطفال، يصنع منهم مقاتلين حين يكبرون؟

وثمّة سؤال آخر:لا شكّ أنّ إيران قد حقّقت ربحاً كبيرا..فكيف ستثتثمره؟ في استرجاع حقوق فلسطينية مهدورة، أم في سياسة عضّ الأصابع مع الأميركيين في موضوع الإتفاق النووي، لا أقلّ ولا أكثر؟

ماذا ربحت فلسطين؟ماذا ربحت طهران..وهل من مجال للدمج بين الرابحَين؟