"سجّادة" الحزب

خاص مراسل نيوز

"سجّادة" الحزب

!
 
يحيك حزب الله "سجّادته" الحدودية بخيوط إيرانيّة.فكما طهران – بلسان الخامنئي – إلتقطت الإشارة الأميركية (ليس لدينا دليل على تورّط طهران في عملية "طوفان الأقصى") بالنأي بنفسها عن العملية، تخطيطاً وتنفيذاً، كما قال المرشد الأعلى، تاركاً حتّى الساعة للغزّاويين أن يواجهوا "النمر الجريح" لوحدهم، بلا ماء ولا كهرباء ولا أدوية ولا محروقات، يحاول حزب الله، قدر المستطاع، أن يظهر مشاركته وتضامنه مع غزّة، بتوازن دقيق ومدروس، لا يزجّه في حرب مفتوحة مع العدو الإسرائيلي من جهة، ولا يُبعده بالكامل عن لهيب المعركة، من جهة أخرى..كيف ذلك؟
-لقد فتح الحزب أمام التنظيمات الفلسطينية (في البدء حركة الجهاد، ومن ثمّ حركة حماس) المجال لتنفيذ عمليات ضدّ الجيش الإسرائيلي، وإطلاق الصواريخ صوب المستوطنات القريبة، وهو أمر كان "ممنوعاً" من قبل، حيث لا يسمح بأيّ تحرّك من هذا النوع.
-وجّه بعض القذائف باتجاه الأراضي اللبنانية المحتلّة (مزارع شبعا..) ما يعني التزامه بحقّ تحرير أرضه، وليس مشاركة مع حماس في حربها الضروس.
إسرائيل، التي تعرف أنّ عمليات حماس والجهاد لا يمكن لها أن تتمّ دون "قبّة باط" من الحزب، قصفت بعض مراكز الحزب ما أدّى الى مقتل 3 عناصر وجرح 4، وهو ما بات يردّ عليه الحزب، في عمليتين متتاليتين، من خلال ضرب عربات عسكرية في مستوطنة أفيفيم بالصواريخ الموجّهة الروسية.
هل تتدحرج الأمور الى أكثر من ذلك؟
إنّ قدوم حاملة الطائرات الأميركية الأضخم في العالم، بسرعة قياسية، الى شواطئ المتوسّط، يهدف الى خلق نوع من التوازن مع القدرات الإيرانية الموزّعة بين لبنان وسوريا، ويوجّه رسالة صريحة الى طهران بأنّ وجود إسرائيل في المنطقة "خطّ أحمر"، وبأنّ حماس تنظيم فلسطيني قد يحقّ له بالجهاد والقتال، ولكنّ هذا الحقّ لا ينطبق على الحزب في لبنان، وعلى المجموعات التابعة لها في سوريا والعراق.
النظام الإيراني يريد أن "يأكل العنب" لا أن يقتل الناطور، ما يمكن أن يتسبّب ببلوغ "الطوفان" عمق حدوده ووجوده.وبالتالي، إنّ الحرب مهما استمرّت واشتعلت، لا بدّ أن تنتهي بتسوية، وكلّ ما تبتغيه طهران، حينها، أن تكون طرفاً على طاولة المفاوضات، وهذا يستدعي ما يلي:
أوّلا، ألّا تطالها مباشرة الحرب الدائرة في غزّة، لا عبر إسرائيل، ولا عبر البوارج الأميركية.
ثانياً، أن تكون أذرعها في لبنان والمنطقة بخير، ولو تأذّت حركة حماس (أو غزّة).فهي تستطيع بما تبقّى لها من أوراق أن تفاوض، وأن تكسب ما تريد، بغضّ النظر عن مصير الفلسطينيين.فمصيرهم وإعادة إعمار مناطقهم المهدّمة سيكون من "حصّة العرب":فمن لا يشارك في القتال، عليه أن يدفع جزية السلام..وهذا بالضبط ما سيحصل.
حزب الله لا يخوض حرباً مدمّرة دفاعاً عن حماس أو غزّة (بالأذن من شعار وحدة الساحات)، ولكنّه يخوضها – حتّى الموت – حين يمسّ الخطر النظام في إيران، وهذا ما سارعت واشنطن الى الطمأنة حوله، على لسان الرئيس بايدن نفسه:لا دلائل لدينا..
الحزب يخيط "سجّادته" وفق الترتيب والتوقيت الإيرانيين، وكلّ ما عدا ذلك، بروباغاندا للداخل والخارج، وتخفيف من الضغط على جبهة غزّة، حيث أعلنت إسرائيل نفسها عن حشد 100 ألف جندي على حدودها الشمالية!