أبو عبيدة "يهزم" نصرالله!
خاص مراسل نيوز
دخل الجيش الإسرائيلي بكامل عتاده الى مجمّع مستشفى الشفاء، وتخطّى كلّ الخطوط الحمر والصفر والزرق، وباتت دبّاباته الحديثة والقديمة الطراز في قلب غزّة المدينة.شرّد سكّان الشمال الى الجنوب، وقتل الأطفال والخدّج والنساء والمسنّين بلا رحمة ولا شفقة، غير عابئ بالرأي العام العالمي والضمير الإنساني..كلّ ذلك حدث ويحدث، ومحور الممانعة "يتفرّج" بصاروخ لا يصل من حوثيّي اليمن، وبتهديدات لا تردع من المرشد الخامنئي وجنرالات الحرس الثوري، وطائرات مسيّرة من حشد شعبي في العراق وفاطميين وزينبيين في دمشق..وبالأخص بعمليات مدروسة من جنوب لبنان يضبط إيقاعها الأميركي من جهة، والإيراني من جهة أخرى، بما قد يوقع الخسائر بين الطرفين المتحاربين، ولكنّه لا يغيّر في شيء في مجرى الأحداث الجارية فوق أرض غزّة التي تهدّمت بيوتها ومشافيها وأبراجها وقدرة شعبها على الصمود في وجه أكبر مجزرة، وفي مواجهة حصار من الجوّ والبرّ والبحر:أين أنتم يا أصحاب شعار "وحدة الساحات"؟ أين أنتم يا قادة شهداء "في الطريق الى القدس؟ أين أنتم يا جنرالات العواصم الأربعة الذين هدّدتم، ذات مرّة، بإزالة العدوّ الإسرائيلي من الوجود ب 7 دقائق ونصف، وقد مضى على العدوان ما يقارب الشهر ونصف..وأين أنت يا بشّار الأسد، يا من حكمت سوريا، وقبلك حافظ الأسد، تحت شعار "لا صوت يعلو فوق صوت المعركة"، فمتى يا تُرى يصدح هذا الصوت، ومطار دمشق يُقصف كلّ يوم، ومطار حلب يخرج كلّ يوم عن الخدمة، عدا الغارات شبه الليلية على المدن والثكنات والمراكز العسكرية؟
لقد خرج خطاب الأمين العام لحزب الله عن الخدمة، ولم يعد محطّ أنظار وإعجاب من يتوقون الى تحرير القدس ورؤية فلسطين حرّة حرّة.الخطاب الأول، إنتظرناه بقلق ورهبة.الخطاب الثاني مرّ مرور الكرام، كأيّ نشرة أخبار على راديو الشرق أو محطّة المنار أو تلفزيون الميادين.حتّى جريدة "الأخبار" لم تجد فيه سوى عبارة "الكلمة الآن الى الميدان".إنتظرنا، عشيّة تطويق العدو الغاشم (كما يحلو للبعض توصيفه) لمحيط مستشفى الشفاء، أن نستمع الى كلمة الميدان، ولكنّ ليل الجنوب – كما يقول المراسلون والصحافيون –كان أكثر هدوءً من الليالي السابقة.لقد استنكفت أذرع طهران في المنطقة عن مواكبة "مأساة غزّة"، بما فيها الذراع الأكثر بأساً وقوّة وحماساً، أي ذراعها اللبنانية.لقد أحبط نصرالله "جمهور السنّة" بعد أن تأمّلوا به معيناً لساحة غزّة التي بقيت وحيدة في مواجهة الأساطيل المتأهّبة قبالة شواطئ البحر المتوسط .على جدران طرابلس، وفي قلوب من يناصرون القضية الفلسطينية، إرتسمت صورة أخرى بلا ملامح ولا تقاسيم وجه.فقط عينان تقدحان غضباً، وكوفية طالما تلفّح بها القائد الأول لفلسطين الرئيس الراحل ياسر عرفات.عادت المشاعر العربية الى الأصل، إلى من يشبه الفدائيين الأوائل، الى غموض أبو عبيدة خلف كوفية مناضلة، وخلف إرادة صلبة.خطاب نصرالله (وكلّ بيانات المقاومة الإسلامية:قصفنا، ضربنا، أصبنا، عطّلنا..) لم تنجح في حماية وهج الأمين العام.فالناطق الإعلامي قد سرق الضوء، عن جدارة.وإذا كان من تنافس بين الرجلين، يمكن الجزم، وبحياد تام، أنّ أبو عبيدة قد "هزم" نصرالله في ساحة معركة غزّة..أبو عبيدة قد انتصر مهما كانت النتائج، ونصرالله قد سقط مهما ارتفع تعداد الشهداء من الشباب الذين يسقطون في معركة لا تفعل فعلها حيث يجب، ولا تجاري المقتلة الجارية بحقّ شعب غزّة والضفّة الغربيّة!