ماذا أتى يفعل المرتضى؟
بقلم مراسل نيوز
ماذا أتى يفعل الوزير محمد وسام المرتضى في طرابلس؟ ماذا يعني أن يلتقي دوريّاً القوى السياسية في المدينة تحت عنوان "طرابلس عاصمة الثقافة العربيّة"؟ ما علاقة، مثلاً، المؤتمر الشعبي اللبناني برئاسة المحامي عبد الناصر المصري، أو الدكتور موسى العش مدير مكتب النائب إيهاب مطر بالثقافة وشؤونها وشجونها؟ كيف يمكن لتجّار ساحة جمال عبد الناصر – التل، الذين اجتمع بهم، أو جهاز الطوارئ والإغاثة التابع لجمعيّة الإسعاف اللبنانية، أن ينهضوا بالثقافة إذا اعتبرنا أنّهم قادرون على النهوض بالإقتصاد والصحّة العامّة، كما جاء في البيان الصادر عن اللقاء؟
كيف يمكن لطرابلس أن تكون عاصمة للثقافة برعاية وزير لم يتحمّل عرض فيلم "باربي" السينمائي، بحجّة غير مستحقّة هي أنّه يروّج للمثليّة وللخروج على العادات والتقاليد؟ كيف يمكن أن تلتقي الرقابة (وهي في الأساس أداة الأنظمة للقمع..) مع الثقافة كتعبير حيّ عن رفض القمع وأدواته ومرتكبيه وكافّة أشكاله؟ الوزير المرتضى (بما يمثّله في السياسة، وبما يحمله من موروثات دينيّة وفكريّة من أزمنة غابرة) والثقافة بمعناها الحداثوي والتغييري والمجدّد، لا يلتقيان..وإذا التقيا فهذا يعني أنّ هناك "خطباً ما"، أمّا في الوزير نفسه، وأمّا في التجربة الثقافية المطروحة!
يقول معاليه أنّ تواجده في المدينة (3 أيّام في الأسبوع) يعود إلى رغبته الصادقة في تهيئة الأجواء لنجاح إحتفاليّة طرابلس 2024..فهل هذا صحيح؟ وهل يتّسع أفق الوزير وصحبه لما يفترض أن تطرحه المناسبة من إشكاليّات سياسيّة ودينيّة وفكريّة وثقافيّة، ما يجعل منها منبراً مفتوحاً لكلّ ما هو حرّيات وتمرّد فكري وعصيان في اللغة والأدب والرواية؟
هل يمكن لكلمة الإفتتاح، وما يليها من كلمات، أن تلامس الموروثات التي يحملها الوزير (وما يمثّل) في الدين والمجتمع والحضارة؟ هل يمكن لأحد المشاركين – طوال العام 2024 الإحتفالي – أن ينقض نظريّة "المهدي المنتظر"، أو أن يلامس علاقة الدين بالدولة في مجتمعاتنا العربيّة؟
وحتّى لا نبدو كمن يجلد "الوزير" وحده، لا بدّ من بعض الأسئلة والشواهد والمعطيات:
-هل اللجنة المشرفة، والتي عيّنت بقرار رسمي، قادرة على حمل العبء الثقافي، وهو عبء ثقيل دفع ثمنه غالياً أمثال صادق جلال العظم وسمير قصير وطه حسين وحسين مروّة ونجيب محفوظ وسلمان رشدي؟
--هل القيّمون على المراكز الثقافة في المدينة المعنيّون مباشرة بالحدث مهيّأون لطرح الهموم الثقافية العربية المشتركة على المستوى المطلوب..ومنهم من أصدر مؤخّراً (وأنا أعذره..وليعذرني على الإنتقاد) نصّاً في "ذكرى ميلاد ملك الأردن" أقرب ما يكون إلى مديح المتنبّي لسيف الدولة؟
تتكاثر الأسئلة إلى حدّ وصف التحضيرات الجارية حول "طرابلس عاصمة ثقافية" بأنّها أقرب ألى "صحن تبّولة" محلّية لا تقدّم ولا تؤخّر في عمق المساءلة الثقافية المطلوبة، بل هي أشبه بالمشاركة في مسابقة أكبر منقوشة، أو أطول سيخ كباب، أو أضخم سندويشة فلافل!
تتكاثر الأسئلة، ويبقى السؤال الأساس:ماذا أتى يفعل وزير الثقافة (وزير حزب الله) محمد وسام المرتضى في مدينة طرابلس؟