إيران تتعثّر!
بقلم مراسل نيوز
إيران ليست في أفضل أيّامها.ما سجّلته من أرباح، غداة وهج عملية "طوفان الأقصى" وما استتبعها من حروب صغيرة مضبوطة من قبل أذرعها في لبنان والعراق واليمن، ما يؤهّلها للجلوس في المقاعد الأماميّة على طاولة الكبار حين يُفتتح باب المفاوضات، راحت تخسره تدريجيّاً بعد أن استعادت إسرائيل الجريح زمام المبادرة العسكرية واستعادت تفوّقها الإستخباراتي في عمليّات نوعية موجعة في الضاحية الجنوبية لبيروت، عقر دار الحزب وفي أرجاء الجنوب وفي منطقة المزّة/ القلب الأمني المفترض للعاصمة دمشق:
-في الضاحية، خرقت إسرائيل كلّ الخطوط الحمر واغتالت الرجل الثاني في حركة "حماس" صالح العاروري مع إثنين من القادة الميدانيين في لبنان، غير مبالية بتهديدات السيّد نصرالله حول "عدم السماح بمساس أيّ مسؤول ممانع فوق الأراضي اللبنانية".
-في الجنوب، بداية قضت على خليّة كاملة من المسؤولين الميدانيين، من بينهم نجل رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد.ومن ثمّ الضربة المؤلمة التي استهدفت القائد الفاعل في وحدة الرضوان وسام حسن طويل في بلدته خربة سلم، وهو من رعيل قاسم سليماني وعماد مغنيّة..
-العدد الكبير للشهداء من عناصر الحزب، بما لا يتناسب مع حرب الإشغال التي أعلن عنهاالحزب، وقد بلغ 155 شهيداً وهو رقم لا بدّ أن تتأثّر بحجمه البيئة الحاضنة ولو رفعت الشعار المهين "فدى نعليك"، والمقصود نعلي الأمين العام حسن نصرالله، على البناء الذي اغتيل فيه قادة حماس.
-في سوريا تكرّرت الإغتيالات النوعيّة الكبيرة:من قبل، القائد العسكري رضا موسوي، واليوم غارة في حيّ المزة قضى فيها أربعة من كبار المستشارين الإيرانيين، من بينهم قائد إستخبارات فيلق القدس العميد الحاج صادق عميد زادة ونائبه وإثنين آخرين..عدا التعطيل المستمر لحركة مطاري دمشق وحلب اللذين تستعملهما طهران لنقل الأسلحة إلى أذرعها المقاتلة.
صحيح أنّ هذه الإستهدافات النوعية شكّلت وتشكّل إرباكاً حقيقياً لإيران وحلفائها في لبنان وسوريا، ولكن ربّما يمكن القول أنّها كانت ضربات متوقّعة، أمّا ما لم تتوقّعه هو ما حصل لها مع الباكستان وفي البحر الأحمر:
فقد حاولت طهران أن تلعب دور "الدولة العظمى" التي يمكن لها أن تضرب في أكثر من مكان في وقت واحد.فاختارت، ردّاً على التفجيرين اللذين حصلا على ضريح سليماني في ذكرى اغتياله في ولاية كرمان، أن تستعرض قوّتها في الباكستان وإربيل والمنطقة السورية الخاضعة لسيطرة المعارض..فما كانت النتيجة؟
-باكستان لم تتأخّر في الرد الدبلوماسي والعسكري:سحب سفيرها من طهران وتوجيه ضربة عسكرية بحجم الضربة الموجّهة إليها.فما كان من إيران إلّا أن سارعت الى ترطيب الأجواء مع إسلام أباد وسحب فتيل التفجير خوفاً من توسّع القتال الذي لم تتوقّعه أو لم تستعدّ له.
-ضربة إربيل بحجّة وجود مراكز للموساد أثارت عاصفة سياسية في العراق.عدّة مواقف صدرت عن بغداد تستنكر وتحمّل طهران المسؤولية، مؤكّدة على أنّ إقليم كردستان هو أرض عراقية، وأيّ مساس بأمنه هو مساس بالسيادة العراقية.
-في البحر الأحمر لم تتوقّع القيادة الإيرانية أن تتحوّل تحرّشات الحوثيين إلى خطر يهدّد مصالح جميع الدول العظمى، بما فيها روسيا والصين.توحّد الغرب والشرق المتضرّران، فكانت إدانة من مجلس الأمن، وكانت عمليات عسكرية مشتركة بقيادة الولايات المتحدة الأميركية.
إيران ليست في أحسن أحوالها، وأكثر.إذ يمكن القول أنّ النقاط التي كسبتها في المئة يوم الأولى من الحرب قد تبدّدت وبات العدّاد يسجّل في حسابها "نقاط الخسائر" لا الأرباح!