برقايل والنهر الكبير!
بقلم مراسل نيوز
كما تقوم بين مدن العالم "توأمة" تعنى بالتنمية المتبادلة والخبرات المكتسبة، تقوم بين مدن وبلدات وقرى عكار، وقد أضيف إليها مؤخّراً النهر الكبير (وادي خالد والهيشة..)، "توأمات" تعنى بالإهمال المتوازن والتهميش المتزايد والحرمان الذي تتوارثه الأجيال تحت عيون ووعود النوّاب والمسؤولين، على اختلاف مشاربهم وتكتّلاتهم، وآخرهم ما سمّي ب "تكتّل الإعتدال الوطني"، والذي جمع إلى بؤس محافظة عكار، معاناة قضاءي المنية والضنّية من خلال النائبين عبد العزيز الصمد وأحمد الخير!
أمّا لماذا تخصيص بلدة برقايل والنهر الكبير عن باقي المناطق العكارية..فإليكم ما يلي:
في برقايل، قامت الدنيا ولم تقعد، في مشهد مذلّ مؤسف، على مئات المواطنين يتهافتون لاستلام بعض البطّانيات والحرامات، مقدّمة من إحدى الجمعيات التابعة لحزب الله والناشطة في المناطق السنّية المصنّفة فقيرة، وكأنّ معظم أو بعض أهالي برقايل يعيشون في العراء، وكأنّ هذه البطّانيات تُوزَّع على لاجئين أو نازحين..والأسئلة المؤلمة:ماذا يعني أن تقدّم جمعيّة تابعة للحزب "حرامات" لمنطقة لا تعتاز هذا النوع من الحسنات أو المساعدات، وأهل الجنوب النازحين من بيوتهم (جاوز عددهم المئة ألف مواطن) أكثر حاجة واضطراراً؟ وما الذي يدفع المواطنين الى هذا التهافت المعيب لاستلام أشياء بخيسة..وأين نواب المنطقة من هذه المهزلة (أو المهانة)، علماً بأنّ برقايل تقع على الممرّ اليومي للنائب وليد البعريني القادم من بلدته فنيدق في أعلى الجرد؟
الطوفان لم يقتصر على محيط مستعمرات غلاف غزّة، بل وصل بمياهه الهادرة الى النهر الكبير، والتي دخلت المنازل في الهيشة ووادي خالد، وقضت على المزروعات التي يعتاش منها سكّان تلك المناطق.وإذا كان في "طوفان الأقصى" شيء من العزّة والبطولة، ففي طوفان النهر الكبير الفاصل بين الحدود السورية واللبنانية الكثير من قصص الإهمال والحرمان:الجانبان الترابيّان من النهر قد تضرّرا كثيراً بفعل عوامل الزمن والأمطار والتعدّيات.السلطات السورية قامت بما عليها ورفعت الجدار من الجهة المحازية لأراضيها، أمّا السلطات اللبنانية (ممثّلة بنائبي المنطقة محمد سليمان ومحمد يحيه) فقد راوغت وأجّلت ودرست ولم تقم بإعادة تأهيل الجانب اللبناني، فكان أن طاف النهر وفاض على بيوت المواطنين، آخذاً بطريقه الأثاث والمزروعات والحيوانات الداجنة:أما كان يمكن للنائبين سليمان ويحيه أن يقوما بهذه المهمّة – ولو على حسابهما الخاص – وهما اللذان طالما استفادا طويلاً من خطوط التهريب ما بين الضفّتين؟
"تكتّل الإعتدال الوطني"، الذي اتّهم أمين سرّه النائب السابق هادي حبيش بالتفاوض المالي (لا السياسي) مع المرشّح سليمان فرنجية، من أجل الحصول على أصوات التكتّل الستّة، لم يقم منذ نشأته سوى بالإجتماع الأسبوعي في مكتبه ببيروت، وإصدار البيانات المؤيّدة لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي، دون أن تجدي هذه البيانات نفعاً في حماية كرامات الناخبين من العوز، أو أقلّه في أن توفّر لهم جداراً ترابياً يقيهم شرّ الطبيعة التي تثور من وقت لآخر!
عكار التي تعاني ما تعانيه لم تجد لها نصيراً، لا في النواب الحاليين ولا السابقين..وقد كانت آخر المحاولات ما سعى إليه – فيما مضى – الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ولكنّ النظام السوري، آنذاك، رفع في وجهه "البطاقة الحمراء" ما حرم تلك المحافظة من إنماء كان محتملاً!