"حكمة" إيهاب مطر!

بقلم عبد الحميد عجم

"حكمة" إيهاب مطر!

جميل أن يدعو النائب إيهاب مطر أعضاء بلديّة طرابلس إلى التحلّي "بالحكمة" في اتّخاذ القرار باستقالتهم (8 أعضاء من أصل 20 باتوا يشكّلون المجلس الحالي، بعد وفاة العضو لؤي المقدّم واستقالة ثلاثة آخرين) إحتجاجاً على عودة الدكتور رياض يمق إلى رئاسة المجلس تنفيذاً لقرار مجلس شورى الدولة، حيث أنّ مصير البلدية سيصبح كمصير بلديّة الميناء التي تعاني الأمرّين بفعل انفراط عقد مجلسها، من إهمال وأضرار تلحق بالمواطنين وبالمدينة..ولكن، ماذا فعل النائب مطر حتّى لا تصل البلديّة إلى هذا الدِرك من الخلافات والتخبّط، وماذا يفعل حيال باقي شؤون المدينة التي يمثّلها تحت قبّة البرلمان، والتي تحوّلت عمليّاً، بسبب نأيه ونأي باقي زملائه النواب عن قضاياها الضاغطة كالفلتان الأمني ومافيا المولّدات وسلبطة سائقي الدراجات والتوك توك، إلى بقعة جغرافية شبه معزولة يتآكلها رصاص الإشتباكات والخوّات ليلاً والتسيّب الإجتماعي نهاراً، بما زاد ويزيد من تهميشها ومن جعلها "خاصرة رخوة" في جسم الوطن المريض؟

في البدء إلتقى نوّاب المدينة في اجتماعات شبه دوريّة في محاولة منهم لخلق "لوبي سياسي طرابلسي" يواكب المشاكل المحليّة، ويفرض على الدولة المركزيّة ما أمكن من تلبية حاجاتها المنسيّة، بالرغم من وجود الرئيس نجيب ميقاتي على رأس السلطة التنفيذية ووجود الوزير بسام مولوي على رأس السلطة الأمنية في البلد.إستبشرنا خيراً، ولكنّ شهر العسل سرعان ما انتهى مع قرار المجلس الدستوري الذي قضى بإبطال نيابة الدكتور رامي فنج لمصلحة فيصل كرامي، إضافة الى التغيير في المقعد العلوي..هنا "تفرّق العشّاق" وعاد كلّ نائب الى حساباته الخاصة أو الى كتلته السياسية:كرامي والنائبان طه ناجي وحيدر ناصر دخلوا في "تكتّل الوفاق الوطني"، أشرف ريفي صار مؤسّساً في كتلة "تجدّد"، النائب إيلي خوري ينتمي أصلاً إلى تكتّل نوّاب الجمهورية القوية، النائب جميل عبّود إلتحق بالنائب نعمة افرام، وبقي النائبان كريم كبارة ومطر منفردين مستقلّين، ما أعاد طرابلس الى مربّعها الأول، أي إلى اليتم السياسي "لا أب لها ولا أم، ولا نصير"!

النائب مطر، وهو الذي تبوّأ أحد المراكز السنّية الخمسة في طرابلس، إنّما وصل الى موقعه تحت شعارات "التجديد والشباب والتمثيل الصحيح لمصالح الناس":فأين هو الآن من تطبيق كلّ أو بعض هذه الشعارات؟ كلّ ما يفعله هو الإعلان عن مواقف لا تسمن ولا تحدث فرقاً، وبعض الزيارات التي تكتفي بالصورة كما في لقائه الأخير مع السفير السعودي وليد البخاري، وبعض النشاطات الإجتماعية التي تقوم بها جمعيته دون أن تختلف بشيء عن أداء باقي الجمعيات، كما لم يختلف أداؤه عمّن سبقوه في النيابة من تقليديين ومخضرمين!

على كلّ، لم يفت الأوان.النائب كرامي، ومن خارج السياق السياسي السائد، عاد وطرح موضوع المولّدات في طرابلس، من حيث لا عدّادات تحمي المشتركين الذين يدفعون، تحت وطأة مافيا منظّمة ومحمية من جهات أمنيّة وسياسية، السعر الأعلى في لبنان..ما يستدعي، مثلاً، من مطر أن يبادر ويدعو باقي نوّاب طرابلس للتلاقي من جديد حول هذا الموضوع الساخن، والذي يطال جيوب جميع أهالي وسكّان المدينة.وبذلك قد يكون عاد إلى ممارسة الحدّ الأدنى من دوره كممثل حقيقي لمصالح الناس، وليس مجرّد "حصان أسود" ربح السباق في غفلة من الزمن السياسي:فهل يجرؤ..ويفعل، وحينها تكون دعوته الآخرين الى الحكمة في مكانها وزمانها الصحيحين؟