"الحمل" الأميركي و"الذئب" الإسرائيلي!
بقلم مراسل نيوز
نجح "الثنائي" (أميركا وإسرائيل) في تسويق لعبة "الطيّب والشرير" كما في أفلام الوسترن الهوليودية القديمة، حيث تحوّلت الولايات المتحدة الأميركية إلى "حمل" يسعى جاهداً إلى لجم نزوات "الذئب" الإسرائيلية الجامحة، فيضغط على الحكومة المتطرفة في الكيان الصهيوني لفتح معبر رفح لمزيد من المساعدات الإنسانية، وللتخفيف من قتل المدنيين وتهجيرهم قسراً في نوع من الإبادة البشريّة، وللجم التوتّر المتصاعد في الجنوب اللبناني حتّى لا يتحوّل القتال الدائر والمضبوط حتى الساعة إلى حرب تدميرية مفتوحة تشابه ما جرى ويجري في قطاع غزّة.
فقد باتت عودة المبعوث الأميركي هوكستين إلى بيروت مرحّباً بها أكثر من أيّ وقت مضى، لا بل باتت مطلباً ملحّاً لدى "الثنائي الشيعي" الذي طالما اتّقن طرفاه (حزب الله ورئيس المجلس نبيه برّي) رقصة التانغو المزدوجة، حيث يصعّد الأمين العام حسن نصرالله، فيتلقّف الكرة الرئيس برّي في ملعبه، تماماً كما جرى في موضوع التمديد لقائد الجيش جوزيف عون (ومدير عام قوى الأمن الداخلي عماد عثمان) حين بدا الحزب غير راضٍ عن هذا التمديد، إلى أن قبلت القوات اللبنانية بشروط "الحمل" في المشاركة في جلسة نيابية بجدول أعمال حافل، بالرغم من معارضة قائدها سمير جعجع لمبدأ التشريع في ظلّ غياب رئيس للجمهورية!
يعود هوكستين الى لبنان بعد زيارة قام بها نائب رئيس المجلس الياس بو صعب الى واشنطن، وأجرى خلالها سلسلة إتصالات (ونقل معلومات ومواقف..) مع هوكستين ومسؤولين آخرين، ما استدعى قرار المجيء الى بيروت لاستكمال البحث فيما قدّمه بو صعب، والسؤال:هل يملك بو صعب ما يقدّمه للأميركيين من خارج ما يمكن أن يكون قد حمّله إيّاه الثنائي الشيعي، وبشكل أدقّ السيّد نصرالله؟
ما حمله بو صعب الى العاصمة الأميركية هو من جعبة من يملك قرار السلم والحرب في لبنان، أي بالتأكيد ليس من جعبة الدولة اللبنانية (وهي أصلاً مفكّكة ومجموعة دويلات)، وليس من جعبة المجلس النيابي (فهو بالكاد يجتمع، على طريقة "زوروني كلّ سنة مرّة")، ولا من جعبة الحكومة اللبنانية، وقد سبق أن قالها رئيسها نجيب ميقاتي، بالفم المآن، بأنّ الدولة لا تملك قرار السلم والحرب، والموضوع يعود حصراً الى صاحب السلاح والأرض في الجنوب (وغير الجنوب)..فما الذي دفع حزب الله الى "توسيط" بو صعب في هذه المهمة؟
لم يعد غائباً عن بال أحد من المراقبين للتطوّرات العسكرية (والأمنيّة) في الجبهة الجنوبية، أنّ الحزب قد بات بعد حوالي 100 يوم من المناوشات المكلفة في البشر والإقتصاد (وخاصة في بيئته الشيعيّة الحاضنة) بين نارين:
الأوّل، عدم وجود قرار في طهران يقضي بالدخول في حرب علنيّة واسعة مع إسرائيل، ربطاً بحساباتها الخاصة من جهة، وربطاً بالخسارة التي قد تلحق بكلّ ما استثمروه في الحزب وفي الطائفة الشيعية طوال عقود من الزمن، من جهة أخرى.
-الثاني، حجم الخسائر اليومية في عدد الشهداء (تجاوز العدد 150 شهيداً) بينهم نخبة من وحدة الرضوان.وقد باتت الخسائر النوعية تثير التساؤلات حول مدى الإنكشاف الإستخباراتي الذي يعاني منه الحزب، حيث نجحت إسرائيل في الجنوب والضاحية (على عكس غزّة) في تحييد المدنيين (لا يكاد يتجاوز عدد الشهداء المدنيين أصابع اليد الواحدة) وفي استهداف المقاتلين أينما وجدوا، وبدقّة عالية، حيث يسقط مقاتل شهيد أو أكثر مع كلّ صاروخ تطلقه مسيّرة أو طائرة مقاتلة!
حزب الله يستنجد ب "الحمل" الأميركي، رغم معرفته الأكيدة بأنّ هذا الحمل المفترض لا يقلّ شراسة عن "الذئب" الإسرائيلي..ويمكن القول أنّ نائب الرئيس بو صعب قد نجح في مهمّته:إقناع هوكستين بالعودة تحت يافطة Well Come Home!