آخ..يا بلديّاتنا!

بقلم رئيسة التحرير ليندا المصري

آخ..يا بلديّاتنا!

إذا كان الفنّان الكوميدي الراحل "شوشو" قد صاح ذات مرّة "آخ يا بلدنا" من شدّة الألم على البلد، فلا عجب أن نصيح، في يومنا هذا، "آخ يا بلديّاتنا" من شدّة الوضع المزري الذي تمرّ فيه، من جهة بلديات الشمال وكلّ ولبنان، ومن جهة أخرى من القلق الحقيقي على قدرة الدولة على إجراء الإستحقاق البلدي والإختياري في موعده في شهر أيّار القادم، كما أكّد على ذلك وزير الداخليّة بسام المولوي من خلال الإشارة إلى أنّ الوزارة والقوائم الإنتخابيّة على جهوزيّة تامّة..إلّا إذا؟

وفي لبنان، في أيّام السلم طالما كانت تربح "إذا.."، كما حصل مع إستحقاق 2023 حيث تمّ التأجيل لمدّة سنة واحدة بحجّة عدم توفّر المال اللازم لتكاليف الإنتخابات، وبحجّة النقص الحاصل في عديد قوى الأمن الذين يفترض بهم أن يؤمّنوا الأمن والأمان لأيّام الإقتراع..فكيف الحال وطبول الحرب تقرع بقوّة من بوّابة الجنوب (ربطاً بالوضع المتفجّر في غزّة)، والتي باتت تتجاوز أرض الجنوب إلى الضاحية والبقاع، وربّما تمتدّ أكثر حسب التهديدات شبه اليومية لقادة إسرائيل، وآخرهم التهديد الذي وجّهه وزير الدفاع غالانت بقوله أنّ "هدنة غزّة إذا ما حصلت ليس بالضرورة أن تشمل لبنان"، بمعنى أنّ الحرب مستمرّة بين الجيش الإسرائيلي وبين مقاتلي حزب الله، ويمكن أن تضاف إليهم كتائب القسّام (حركة حماس) الذين أعلنوا بالأمس عن إطلاق 40 صاروخاً على جبهة الجولان من الأراضي اللبنانيّة المباحة!

وإذا كانت البلديات العاملة عموماً في لبنان تعاني من النقص المالي في صناديقها ما يحدّ من قدرتها على تلبية حاجات مناطقها، فإنّ الشمال يضيف على ذلك إنحلال عدد كبير من المجالس البلدية بسبب الخلافات والإستقالات، حتى أنّ البلديات الكبرى مثل الميناء والمنية وحلبا وغيرها هي منحلّة وباستلام المحافظ أو القائمقام، وهذا ما يؤثّر على أدائها مهما حسنت نوايا مَن يتسلّم زمام الأمور، فكيف الحال مع البلديّات التي يمكن أن تقع في قبضة المحافظ رمزي نهرا الذي تدور حول مهامه ألف علامة إستفهام واعتراض؟

وما ينطبق على "المصائب البلديّة" في لبنان، يقترب رويداً رويداً من بلدية طرابلس، على أثر تنفيذ قرار مجلس شورى الدولة القاضي بتسليم الدكتور رياض يمق رئاسة البلدية من جديد، حيث أنّ أكثر من ثلث الأعضاء العشرين قد تقدّموا باستقالاتهم ووضعوها في عهدة المفتي الشيخ محمد إمام، علّه يُفلح في تنظيم سلوكيّات وممارسات الرئيس يمق الذي "يصعب التلاقي معه في وسط المسافة" كما يصف الحال أحد الأعضاء المستقيلين، مستذكراً التجربة المرّة التي خاضوها معه حين تسلّم الرئاسة، في المرّة الأولى، من المهندس أحمد قمر الدين!

يبقى أنّ ما يجعل بلدية طرابلس أمام مخاطر حقيقية، وأبرزها تسلم المحافظ نهرا لمهامها، أمران بالغا الأهميّة:

-أنّ العلاقة بين وزير الداخلية المولوي وبين الرئيس يمق مقطوعة تماماً، ما يجعل جميع المعاملات الرسمية التي تحتاج الى موافقة وزارة الوصاية قيد التوقّف أو العرقلة أو التدقيق فوق العادة!

-إنّ الأعضاء المستقيلين، إضافة إلى أعضاء آخرين، سوف يعودون الى مقاطعة الإجتماعات الدورية ما يشلّ عمليّاً عمل البلدية، حبث يكتفي رئيسها بالجلوس فوق كرسي فارغ بلا مهام أو دور فعلي، يحيط به رماد الحريق الذي أصاب المبنى الأثري منذ سنوات عديدة!

الإنتخابات البلدية لا بدّ أن تكون على نار حامية، كما هي التطوّرات العسكرية في الجنوب على نار حامية:فأيّهما ستسبق الأخرى في هذا البلد المصلوب على إستقرار هشّ، وعلى تقلّبات تجعله بشكل شبه دائم في قلب العواصف!