قال، مشاغلة..قال!
بقلم رئيسة التحرير ليندا المصري
هل صدّق ويصدّق الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله ما يردّده في خطاباته المتكرّرة، بأنّ "حرب المشاغلة والإسناد" التي أعلنها في الثامن من أوكتوبر قد غيّرت "قيد أنملة" في مجريات الحرب التي تشنّها إسرائيل على قطاع غزّة، في محاولة منها للقضاء على الوجود العسكري لحركة "حماس"، وعلى إستمرار حكمها لهذا القطاع؟ وهل يرى السيّد حسن أنّ هناك "توازناً" بين ما يدفعه من ثمن باهظ في قياداته وفي كوادره وفي عمران الجنوب، من لبنان إلى سوريا،(وآخرها اليوم ٦ شهداء في حلب، ونائب قائد الوحدة الصاروخية في الحزب علي عبد الحسن نعيم في البازورية) وبين ما يفترض أنّه يشكّل إسناداً "للأخوة المقاتلين" في غزّة؟
هل منع تدخّل قوات الرضوان الجيش الإسرائيلي، مثلاً، من إحتلال شمال غزّة وشقّ طريق تقطع بين شمال القطاع وجنوبه؟ هل شغلت صواريخ فلق وبركان عن إقتحام مجمّع مستشفى الشفاء والقضاء على عدد كبير من قادة ومقاتلي سرايا القدس، إضافة إلى ارتكاب المجازر بحقّ المرضى والمسعفين والجسم الطبّي؟ هل أجرت عمليات الحزب (البطولية والإستعراضية) تعديلاً في القضم التدريجي لقطاع غزّة، من الشمال إلى الجنوب، فخان يونس، وصولاً إلى المربّع الأخير في رفح، حيث بات يتكدّس ملايين النازحين فوق مساحة محدودة من الأرض، فيما بات محشورين في أنفاق تحت الأرض مَن تبقّى من قيادات حماس (آخر الشهداء الرجل الرابع في الترتيب العسكري مروان عيسى) ومن مقاتليها؟ هل الحزب هو مَن يمنع إجتياح المعقل الأخير على حدود مصر، أم هي الضغوط الأميركية المتأتّية، ليس من ضعف العدو، كما يحلو للأمين العام أن يفسّر بابتسامة مصطنعة لرفع المعنويّات ليس إلّا، وإنّما من الحسابات الإنتخابية الرئاسية التي "لا صوت يعلو فوق صوتها" في واشنطن، من الآن وحتى تاريخ إجرائها؟ هل ساهمت حرب الإشغال في منع التهجير القسري لمليوني غزّاوي وغزّاوية، وهل وفّرت لهم الدواء والغذاء الذي باتوا ينتظرون هبوطه من السماء، بفضل مساعدات الدول التي تدعم "العدو" في الأساس، مثل بريطانيا والولايات الأميركية المتحدة؟ هل أبعدت أسلحة الحزب المناسبة "الشيطان الأكبر" عن شواطئ البحر المتوسط، أو جعلته يُقيم له أوّل ميناء بحري فوق رمال غزّة، بحجّة توفير المساعدات الإنسانية لمّن تخلّت عنهم راعية "طوفان الأقصى، ووحدة الساحات، وحروب المشاغلة والإسناد.."، عاجزةً عن إيصال ولو كيس طحين واحد إلى عائلة تائهة، أو علبة حليب إلى طفل جائع؟
هل استطاعت تهديدات نصرالله بالويل والثبور لكيان العدو أن تمنعه من خرق جميع "الخطوط الحمر" (والصفر والزرق):إغتال في قلب الضاحية، إستباح دماء المدنيين، قصف في عمق بعلبك والبقاع، قتل القادة والعناصر، هدم البيوت والحسينيات ومراكز الإسعاف..فما الذي يمكن أن يفعله الجيش الإسرائيلي أكثر ممّا فعل في غزّة وفي سوريا وفي الجنوب؟ أيّ هدف أراد أن يحقّقه العدو، وقد تردّد عن ذلك خوفاً من "ردّة فعل" الحزب؟ أيّ جريمة شاء أن يرتكبها، وقد منعته عنها "حرب" الإشغال أو المساندة؟
عبثيّة هي حرب حزب الله، ومكلفة على بيئته الحاضنة، وعلى الجنوب والداخل اللبناني.الثمن غالٍ، وغالٍ جدّاً في الأرواح والأرزاق والإقتصاد، والمردود مجرّد معنويات لا ولم تُصرف في أيّ مجال من مجالات التفاوض أو القتال العسكري الدائر في الميدان، كما يحلو لنصرالله أن يسمّيه.إحتكمنا إلى الميدان، يا سيّد، فكانت النتيجة أن ضاعت أرض غزّة، وكانت النتيجة أن سقط آلاف الشهداء هنا وهناك..وكانت النتيجة أنّ القدس قد باتت أكثر بُعداً عمّا كانت عليه، قبل "طوفان الأقصى" وقبل "المشاغلة والإسناد"!