لبنان – إسرائيل – غزّة!
بقلم مراسل نيوز
بعد حوالي الأربعة أشهر على إندلاع "حرب 7 أوكتوبر"، إرتاحت دولة إسرائيل إلى التطوّرات والتداعيات العسكرية في المنطقة.فهي لم تعد – وحدها – تخوض غمار المواجهة مع إيران وأذرعها، بل بات للولايات المتحدة الأميركية وحلفائها والعالم (الصين مثلاً) "حصّة" وازنة في القتال الدائر من البحر الأحمر إلى الحدود المشتركة بين العراق وسوريّا!
فقد تحوّلت حرب غزّة إلى 4 حروب مفتوحة على جبهات متعدّدة، وعلى قوى بعيدة وقريبة منخرطة في الصراع الأشبه بحرب عالميّة ثالثة من نوع جديد:
-جبهة إسرائيل / حماس والجهاد، وقد باتت في محطّة مستجدّة بعد أن رسمت إسرائيل معالم الخطّ الفاصل الآمن بين القطاع وبين المستوطنات، ما يجعلها تدخل في هدنة قد تطول أو تقصر، تحت عنوان لا مفرّ منه:أنّ أمن المستوطنات لم يعد يمكن تجاوزه في أيّ عملية بحث عن السلام الذي باتت ملامحه تدور في المفاوضات الدولية الجارية بين أميركا ومصر والأردن والسلطة الفلسطينية في الضفّة، ويقضي بالمراوحة بين حلّ الدولتين، وبين إقصاء حركة حماس عن حكم قطاع غزّة.الهدنة المؤقّتة الآتية لفكّ أسر الرهائن مقابل آلاف الأسرى الفلسطينيين لن تغيّب بأيّ شكل من الأشكال المطلب الإسرائيلي الأصل:إقصاء حركة حماس عن حكم غزّة!
-جبهة الجنوب / الجليل الأعلى، وقد شهدت تطوّراً سياسياً – عسكريّاً بالغ الدلالة والخطورة، وهو يتمثّل بالموقف الإسرائيلي المستجد والداعي الى فكّ الإرتباط بين لبنان والهدنة في غزّة، حيث يقول الجيش الإسرائيلي أنّ أمن الجنوب يرتبط بإبعاد حزب الله مسافة 6 أو 7 كيلومترات عن الحدود، وإلّا فالمعارك مستمرّة قبل وبعد هدنة غزّة، وذلك يعني أمرين:
الأوّل، أنّ المبادرة قد انتقلت من الحزب الى إسرائيل.وبالتالي كلّ كلام مسؤولي الحزب والدولة اللبنانية (تصريحات رئيس الحكومة نجيب ميقاتي) عن الإرتباط بين الجبهتين أو الساحتين لم يعد ساري المفعول.لقد فُتح الحلّ في لبنان على القرار 1701 وليس على شعارات "نحو الطريق الى القدس"، أو ما شابه!
الثاني، لم تعد هناك وحدة ساحات بين لبنان وغزة والعراق وسوريا واليمن.بات لكلّ ساحة حربها الخاصة:هدنة حماس/إسرائيل لن تجد لها ترجمة في الجنوب، وحركة حماس لن تستطيع أن تقوم ب "حرب إشغال" كما فعل الحزب نصرة لغزّة.لبنان سيقلّع شوكه بنفسه، وهو أمام مواجهة لم تكن في الحسبان:تطبيق بعض أو كلّ ما جاء في القرار الدولي 1701..أو استمرار الإستنزاف في قرى وبلدات وعناصر الحزب، وقد تجاوز عدد الشهداء 170 قائداً ومقاتلاً!
-جبهة البحر الأحمر، ويمكن تصنيفها بالخطأ الإستراتيجي الذي ارتكبته طهران في توسعة مناوشاتها العسكرية هنا وهناك.الحوثيّون تحوّلوا من قوّة مقاتلة الى مجموعة قراصنة في مواجهة معظمّ دول العالم الكبيرة والصغيرة، خاصة عندما نعلم أنّ المتضرّر الأكبر من عرقلة خطّ التجارة العالمية إنّما هي دولة الصين (ترافق بواخرها الناقلة للبضائع سفن حربيّة)، إضافة الى دولة مصر وغيرها.لقد استعادت أميركا (ومعها بريطانيا..) دور شرطيّ العالم الذي يوفّر الأمن والأمان للحركة التجارية الدولية.وبات القضاء على القوة العسكرية للحوثيين مطلباً دوليّاً مستقلّاً تقوم بتنفيذه القوّة العظمى في العالم أميركا!
-جبهة الأذرع الإيرانيّة في سوريا والعراق/ أميركا.هنا تخوض واشنطن معركة "تقليم أظافر" للنمر الإيراني، تمهيداً للمفاوضات الآتية حكماً.وبدل أن تكون ميليشيات الحشد الشعبي والفاطميين والزينبيين قوّات مساندة لحماس والجهاد في غزّة، فقد تحوّلت الى مجموعات تطاردها طائرات ف51 التي انطلقت من قواعدها في أميركا لتصبّ صواريخها الدقيقة على القواعد التي بنتها إيران طوال 15 سنة على الحدود الفاصلة بين العراق وسوريا، ولتجعل من الإستشاريين الإيرانيين الذي استرخوا طويلاً في دمشق "هدفاً مشروعاً" لها ولإسرائيل (مقتل حوالي 7 من كبار القادة في عدّة ضربات متتالية).
لقد تفكّكت "وحدة الساحات" موضوعيّاً، وبات كلّ طرف ممانع يدافع عن نفسه فاقداً القدرة على الدفاع عن حليفه.والأخطر أنّ غزّة باتت وحيدة دون أذرع ولا إشغال، كما أنّ أميركا التي لا تريد توسعة الحرب في الشرق الأوسط..قد انخرطت بشكل مباشر وواسع في هذه الحرب!