غزّة..بعد الطوفان

خاص مراسل نيوز

غزّة..بعد الطوفان

!
 
غزّة بعد "طوفان الأقصى" لن تكون غزّة ما قبله.كذلك إسرائيل وحزب الله وطهران، وكلّ عواصم وعلاقات المنطقة فيما بينها ومع العالم.غزارة الدم في المستوطنات وفي أجساد أطفال غزّة الذين لا يجدون خيمة تقي رؤوسهم الصغيرة، سترسم عالماً جديداً مختلفاً.إضافة الى الوقائع فوق جغرافية المنطقة الممتدّة بين مستوطنات الكيان الإسرائيلي وحدود سيناء والصحراء ومصر، وذلك بحكم التفوّق العسكري الإسرائيلي المغطّى هذه المرّة بدعم أميركي غير مسبوق، وتأييد غربي واسع، وصمت مطبق يمتدّ شرقاً من موسكو الى بكين.
الغزّاويون الأبطال الشجعان، الذين غيّروا وجه التاريخ لمدّة 48 أو 72 ساعة، قد يدفعون الثمن وحيدين، بعد أن يكتشفوا أنّ "وحدة الساحات" مجرّد شعار تردّده طهران عند الضرورة، ويتجاهله الخامينئي في ساعات الجدّ والحشرة، وقد قالها بوضوح اليوم "لا علاقة لنا بعمليّة حماس لا تخطيطاً ولا تنفيذا"، وهو ما ترجمه حزب الله في الجنوب ببعض الإستعراضات العسكرية التي لا تتناسب مع ما يحتاجه اسماعيل هنيّة من فتح المعارك على جميع الجبهات، من لبنان واليمن والجولان وإيران.وحدهم أهل غزّة في ساحة المعركة، تحت الحديد والنار والحصار، لا يشبعهم ولا يروي عطشهم "إستعداد" مقتدى الصدر لإيصال الغذاء والماء إليهم عبر سوريا أو عبر مصر!
هل كانت "حماس" تعلم أنّ انتصارها الكبير يمكن أن يجرّ الى غزّة ويلات كبيرة؟هل كانت حماس قادرة على إستثمار النصر، أو أنّ دورها يقتصر على صناعته ببنادق مقاتليها، فيما يستثمر "المرشد الأعلى" ما حصل، أوّلاً، بالنأي بنفسه عمّا حدث ويحدث، ومن ثمّ بالحضور الى طاولة المفاوضات -حين تهدأ طبول الحرب - وفي جعبته "أوراق" قد كسبها بدماء الآخرين؟
هل جهّزت حماس الملاجئ والمستشفيات لحماية الأطفال والنساء؟ هل حسبت بدقّة عالية "ردّة فعل" اليمين الإسرائيلي المتطرّف الذي يمتلك آلة دمار هائلة؟ هل حفرت آبار ماء لتسقي العطاشى، وهي تعلم أنّ "السِكر" إنّما يقفله ويفتحه كما يشاء نتانياهو؟ ماذا ستفعل حيال كلّ هذا الخراب وهذا الدمار..تقاتل، تسجّل إنتصارات محدودة وبطولات لا شكّ فيها، ولكن ماذا عن الإستثمار في السياسة، وفي ولادة دولة فلسطين؟
من سيجلس على طاولة المفاوضات"هنيّة والجهاد، أم أبو مازن ووزير خارجية إيران"؟ الحروب دائماً في خواتيمها، وفي الأطراف المفاوضة، وفي "تقريش" النصر والبطولات والدم المراق:فهل أهل غزّة هم الذين سيشاركون في ولادة "الطفل الجديد"، أم سينتهي دورهم مع بدء المخاض النهائي والحقيقي؟
غزّة تُدمَّر.ويعِدُها جيش العدو بمزيد من الدمار..فمَن لها، وهي تواجه حتى الساعة باللحم الحي؟ هل تنصرها طهران..وكيف؟ هل يطلق حزب الله صواريخه..ومتى؟ هل تُفتح جبهة الجولان، ويجرؤ بشّار الأسد؟ هل يتدخّل الحوثيّون والفاطميّون، ومن يأمرهم بذلك؟
غزّة التي سطّرت نصراً مبيناً تواجه وحدها..فهل هي التي اتّخذت القرار، وبالتالي تتحمّل مسؤولية قرارها..أم هناك من ورّطها بشعارات برّاقة، أقلّها "وحدة الساحات"؟ الأيام القليلة القادمة تفرز الحقائق، مع الأمل في ألّا يكون قد فات الأوان!!