حزب الله في مفترق الطرق: اغتيالات قادته تُشعل صراعًا داخليًا وتحديات إقليمية
بقلم رئيسة التحرير ليندا المصري
منذ يوم الخميس الماضي، انقطعت الأخبار عن رئيس الهيئة التنفيذية لحزب الله، هاشم صفي الدين، بعد سلسلة غارات إسرائيلية مكثفة استهدفت موقعًا للحزب في الضاحية الجنوبية لبيروت. تشير التقارير إلى أن صفي الدين كان موجودًا في الموقع وقت الهجوم، مما أثار تساؤلات حول مصيره.
نائب رئيس المجلس السياسي لحزب الله، محمود قماطي، صرّح بأن "إسرائيل تعرقل جهود البحث عن صفي الدين"، مؤكدًا أن "مصيره لا يزال غامضًا حتى الآن". في الوقت نفسه، تتصاعد التكهنات حول مستقبل الحزب بعد هذا الهجوم، خاصة مع احتمالات اغتيال صفي الدين، الذي كان يُنظر إليه كمرشح لخلافة الأمين العام السابق، حسن نصرالله، الذي اغتيل في 27 سبتمبر الماضي إثر غارات إسرائيلية استهدفت مقر قيادة الحزب في حارة حريك.
وفقًا لعدد من المحللين، فإن "اغتيال نصرالله كان ضربة قاسية لحزب الله، المدعوم من إيران، لا سيما بعد قيادته للحزب لمدة 32 عامًا". ويضيفون أن "استبداله يشكل تحديًا كبيرًا، خاصة في ظل الاغتيالات المتكررة التي تستهدف قادة الحزب، مما يطرح تساؤلات حول قدرته على حماية أمنه الداخلي".
على الجانب الآخر، يرى دبلوماسيون أوروبيون أن حزب الله قد أثبت مرارًا قدرته على تجاوز أزمات اغتيال قادته واستبدالهم، لكنه يواجه حاليًا تحديات متزايدة بعد سلسلة الاغتيالات الأخيرة، خاصة إذا تأكد مقتل صفي الدين. هذه الهجمات أثرت بشكل كبير على معنويات مقاتلي الحزب، وأظهرت قدرة إسرائيل على توجيه ضربات مؤلمة سواء على المستوى العسكري أو الاستخباراتي.
إسرائيل لا تسعى فقط إلى اغتيال قادة الحزب، بل تهدف إلى تدمير بنيته القتالية وإجباره على التراجع. وتفيد مصادر مطلعة في شؤون الجماعات الشيعية المسلحة بأن "أي أمين عام جديد لحزب الله يجب أن يحظى بقبول داخلي وخارجي، سواء من قبل الحزب نفسه أو من داعميه في إيران". وكان صفي الدين يُعد المرشح الأبرز بسبب صلته العائلية بنصرالله ومكانته الدينية، ما جعله في موقع قوي داخل الحزب.
ومع احتمال اغتيال صفي الدين، هناك أنباء تشير إلى أن إبراهيم أمين السيد، رئيس المجلس السياسي للحزب، قد يكون المرشح الأوفر حظًا لخلافته. السيد، الذي ينحدر من منطقة البقاع، يعد من المؤسسين الأوائل لحزب الله وكان له دور محوري في تطوير استراتيجياته السياسية والعسكرية.
وفي ظل غياب قيادة واضحة، كشف محمود قماطي أن الحزب يدار حاليًا بواسطة قيادة مشتركة، دون الكشف عن تفاصيل إضافية. وتشير بعض المصادر إلى أن نائب الأمين العام للحزب، نعيم قاسم، يتولى مع مجموعة من القياديين الإشراف على الحزب بشكل مؤقت.
في ظل استمرار الغموض حول مصير هاشم صفي الدين بعد الهجوم الإسرائيلي الأخير، يقف حزب الله عند مفترق طرق خطير. فاغتيال قياداته البارزين، من نصرالله إلى صفي الدين المحتمل، يضع الحزب أمام تحديات غير مسبوقة. وبينما تسعى إسرائيل إلى إضعاف الحزب عسكريًا عبر استهداف قادته، يجد حزب الله نفسه مضطرًا إلى إعادة تقييم استراتيجيته الداخلية والخارجية. ومع تصاعد التوترات الإقليمية وتزايد الضغوط الدولية، يبقى السؤال مفتوحًا: كيف سيواجه الحزب هذه الأزمة، ومن سيملأ الفراغ القيادي في واحدة من أكثر اللحظات حرجًا في تاريخه؟