"لبنان بين النار والدمار: هل تنجح السعودية ومصر في وقف انهيار البلد وسط صراع إقليمي محتدم؟"

بقلم عبد الحميد عجم

"لبنان بين النار والدمار: هل تنجح السعودية ومصر في وقف انهيار البلد وسط صراع إقليمي محتدم؟"

يشهد لبنان أسوأ مراحله منذ سنوات، حيث تتفاقم الأزمة مع اندلاع حرب مدمرة بين حزب الله وإسرائيل. دمار واسع ونزوح جماعي لأكثر من مليون ونصف لبناني يُنذر بانهيار إنساني غير مسبوق. في ظل هذا الوضع المتدهور، تتجه الأنظار إلى السعودية ومصر، القوى الإقليمية التي قد تكون الأمل الأخير لإنقاذ لبنان. لكن يبقى السؤال: هل ستتدخل لإنقاذ البلاد من الانهيار؟

 

لبنان في قلب العاصفة: صراع دموي وانقسامات داخلية

 

لبنان عالق بين تصاعد الصراع الإقليمي وتأثيراته الداخلية. الغارات الإسرائيلية على مواقع حزب الله تدمر البنية التحتية وتترك لبنان في حالة فوضى عارمة. في المقابل، يرد حزب الله بإطلاق صواريخ تجاه إسرائيل، مما يزيد من شدة النزاع.

 

داخليًا، يشهد لبنان انقسامًا عميقًا، حيث تفشل الأطراف اللبنانية في الاتفاق على استراتيجية موحدة لإنهاء الصراع. الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد منذ سنوات تزيد من تعقيد المشهد، لتصبح الحلول السياسية أكثر تعقيدًا صعوبة في التحقق.

 

هل تتدخل السعودية ومصر لإنقاذ لبنان من الانهيار؟

 

لعبت السعودية دورًا رئيسيًا في إنهاء الحرب الأهلية اللبنانية عبر رعاية اتفاق الطائف عام 1989، ما يجعل من تدخلها اليوم أمرًا ذا أهمية كبرى. من جهة أخرى، مصر، بحكم موقعها وثقلها الدبلوماسي في المنطقة، تمتلك أيضًا القدرة على التأثير في توازنات الصراع.

 

التحالف بين السعودية ومصر يمكن أن يكون عاملًا محوريًا في إخماد النار التي تلتهم لبنان. لكن التحدي الأكبر يكمن في كيفية التعامل مع إيران، الداعم الرئيسي لحزب الله. أي تدخل سعودي-مصري يحتاج إلى معالجة دقيقة للتأثير الإيراني في لبنان والمنطقة، مما يزيد من تعقيد المهمة.

 

التحديات الإقليمية: إيران وإعادة تشكيل موازين القوى

 

التدخل في لبنان لا يمكن أن يتم بمعزل عن التأثيرات الإقليمية. إيران، التي تدعم حزب الله بشكل مباشر، لن تتخلى بسهولة عن نفوذها في لبنان. لذلك، يأتي دور السعودية ومصر في محاولة الضغط على إيران لتقليص تدخلها، لكن ذلك يحتاج إلى تقديم ضمانات تتعلق بأمن إسرائيل مقابل تخفيف الدعم الإيراني لحزب الله.

 

من هنا، أي تحرك سعودي-مصري يجب أن يكون بالتنسيق مع القوى الدولية الكبرى مثل الولايات المتحدة وروسيا، مما يضيف طبقة أخرى من التعقيد إلى هذا التدخل المحتمل.

 

كارثة إنسانية تلوح في الأفق: النزوح الجماعي والأزمة الإغاثية

 

مع استمرار التصعيد العسكري، يتفاقم الوضع الإنساني في لبنان بشكل حاد. نزوح أكثر من مليون ونصف لبناني جعل البلاد على شفا كارثة إنسانية. البنية التحتية المدمرة ونقص الخدمات الأساسية تزيد من حجم المعاناة اليومية.

 

بالرغم من جهود المنظمات الدولية، فإن التحديات اللوجستية تعيق إيصال المساعدات إلى المتضررين. يمكن للسعودية ومصر أن تلعب دورًا حيويًا في تقديم الدعم الإنساني عبر قنوات دولية وإقليمية، ما سيخفف من وطأة الأزمة الإنسانية المتفاقمة.

 

سلاح حزب الله: العقدة الأصعب في حل الأزمة اللبنانية

 

لطالما كان سلاح حزب الله محور الخلاف في لبنان، والآن يشكل العقدة الأبرز التي قد تعيق أي حل سياسي. استمرار وجود السلاح خارج سيطرة الدولة اللبنانية يهدد استقرار البلاد ويعرقل أي جهود للتوصل إلى تسوية شاملة.

 

قد يكون الحل في جمع الأطراف اللبنانية على طاولة حوار وطني، برعاية سعودية ومصرية، للوصول إلى اتفاق يحدد مستقبل سلاح حزب الله ضمن استراتيجية أمنية وطنية. لكن هذا الحوار لن يكون سهلاً، خاصة في ظل التوازنات الإقليمية المتغيرة وتأثير إيران في القرار اللبناني.

 

 

الخاتمة: هل يتدخل المجتمع الدولي قبل انهيار لبنان؟

 

لبنان اليوم أمام مفترق طرق حاسم. التصعيد بين حزب الله وإسرائيل قد يدفع البلاد إلى انهيار كامل. مع كل يوم يمر دون تدخل دولي وإقليمي، يزداد تعقيد الوضع.

 

السعودية ومصر تمتلكان نفوذًا يمكن أن يسهم في إنقاذ لبنان، لكن النجاح يعتمد على إرادة المجتمع الدولي والعمل الدبلوماسي الجاد. إن لم يتم التحرك سريعًا، فقد يجد لبنان نفسه في مواجهة كارثة إنسانية وسياسية لا يمكن احتواؤها، وقد يمتد هذا الصراع ليصبح ساحة لحرب إقليمية أوسع