"مأساة غزة: كيف دمرت 'حماس' و'إسرائيل' أفق السلام في الشرق الأوسط"
بقلم عبد الحميد عجم
منذ عام 2007 وحتى 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، اتبعت حكومات إسرائيل النهج نفسه تجاه حركة "حماس" في غزة، التي استفادت من حكمها لفرض أجندتها السياسية على الفلسطينيين. الحركة ترفض السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير، وتستفز إسرائيل كل خمس سنوات تقريباً لتدمير أجزاء من القطاع، بينما تعزز مكانتها الإقليمية وتتعامل مع الدول الكبرى.
الرئيس الأميركي بايدن يتوقع التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل و"حماس" بعد مفاوضات طويلة بين الدوحة والقاهرة. وفي حال نجاح المفاوضات، سيُطلق جميع الرهائن الإسرائيليين مقابل إطلاق بعض الأسرى الفلسطينيين. أما نتنياهو فيما ظل يماطل بهدف تدمير المزيد من القطاع، ويحتاج إلى أقل من شهرين لإكمال عام من الحرب المدمرة على غزة.
أي تحليل سياسي يعتمد على الأيديولوجيا أو الغيبيات يسيء لنفسه ولمن يقرأ له. ما حدث في 7 أكتوبر كان تصرفاً سياسياً غبياً بكل المعايير. بعد أشهر من الحرب، اضطر إسماعيل هنية، قائد "حماس" الذي قُتل لاحقاً، للاعتراف بقبول حل الدولتين الذي دعمتها السلطة الفلسطينية والدول العربية منذ ثلاثة عقود، ولكن بعد أن أحكمت الحركة سيطرتها على القطاع وبنت ولاءات إقليمية بعيدة عن القضية الفلسطينية.
التدمير الذي لحق بغزة غير مسبوق، ويعيد القطاع سنواتٍ إلى الوراء. فبأي مقياس عسكري يمكن وصف ذلك بالانتصار؟ لانتزاع بعض الأسرى الفلسطينيين، قُتل أكثر من أربعين ألف فلسطيني. المبررات السياسية التي قدمها المحللون الذين أيدوا ما حدث في 7 أكتوبر تفتقر إلى الشجاعة والاعتراف بالخطأ، ويتجنبون مواجهة الحقيقة عبر مفاهيم سياسية غير متماسكة.
هؤلاء المحللون يتبعون محور المقاومة الذي يُنتقد بشدة في العالم العربي بسبب تورطه في دماء الشعوب العربية. ومن لا يتبع هذا المحور يكون تابعاً للمحور الأصولي الذي تقوده دولة إقليمية كبرى، ويشمل بعض الدول العربية الصغيرة وحركات الإسلام السياسي، والذي يشكل خطراً على استقرار الدول، كما يتضح من كارثة "الربيع العربي".
المتطرفون يتعاونون، ولو سعى نتنياهو لتدمير غزة وقتل أربعين ألف فلسطيني، لما استطاع تحقيق ذلك بمفرده، لولا أن يحيى السنوار، قائد "حماس" في القطاع، والذي خلف هنية بعد اغتياله، أخذ مئات الأسرى واختبأ في الأنفاق، تاركاً نتنياهو وجيشه ليحرقوا غزة.