إسرائيل تهدر دم غزّة!

خاص مراسل نيوز

إسرائيل تهدر دم غزّة!


 
هذه ليست حرباً كلاسيكية، كما في روسيا وأوكرانيا:جيش (رغم عظمته وبأسه) ضدّ جيش رغم الفارق في ميزان القوى.وليست ضربة عسكرّية توجّهها قوّة ضدّ مجموعات مسلّحة.إنّها نوع من أنواع الإبادة.كأنّنا عدنا الى زمن التتار والمغول، حيث كلّ شيء يستباح:البشر والشجر والحجر..وكلّ ما يدبّ فوق الأرض، وربّما تحت الأرض.
ما تفعله إسرائيل بغزّة لا يشبه حضارة القرن 21.ولا يشبه مفاهيم الغرب التي عشقنا، حول حقّ الإنسان بالماء والغذاء والدواء والحياة.يشبه بعض صفحات التاريخ السوداء، الملطّخة بدماء الأطفال والنساء والأبرياء.ما نراه أقرب الى الأفلام التي تتعمّد العنف للدهشة والإنخطاف، تماماً كما تخطف أنفاسنا القنابل الذكيّة وغير الذكيّة التي تُلقى بالأطنان على الأبراج والمنازل والمستشفيات ودور العبادة.
الإشكالية الكبرى أنّ ما يفعله الكيان الصهيوني، ليس بحركتي حماس والجهاد فحسب، وإنّما بكلّ ساكني غزّة، مغطّى بحروب هنا وهناك نخوضها بالمجّان في هذا العالم العربي الواسع:في السودان الأخ يقتل أخاه بلا هوادة.في ليبيا جيوش تحارب جيوشاً تنتمي الى لغة واحدة وكيان واحد.في اليمن لم يُبقِ الحوثيون سلاحاً واحداً إلّا واستعملوه ضد اليمن الجنوبية، كأنّها حرب داحس والغبراء.في سوريا، حين كان ليل غزّة يئنّ تحت الضربات الخارقة، وحين كان مطارا دمشق وحلب يخرجان من الخدمة، كان الطيران السوري يجد طريقه الى سماء إدلب رامياً براميله فوق رؤوس الصغار والكبار..حتى روسيا وإيران اللتان تعترضان على آلة القتل، يسفكان دم الشعوب في الداخل والخارج، ما يجعل صوتهما خافتاً في المحافل الدولية، وفي المبارزة الأخلاقية مع شراسة ووحشية إسرائيل!
أخلاق العالم في مأزق.والقوّتان العظمتان غارقتان في بحر الدم:أميركا تفتح أبواب الجحيم أمام الوحش الصهيوني..وروسيا تستبيح حدود وأرض الدولة الصغيرة الجارة.أخلاق العالم بحاجة الى إعادة نظر.بحاجة الى قيم ومفاهيم جديدة تُبعد شبح الموت عمّن يستحقّ الحياة.وتقطع يد من يمنع الحليب عن أفواه الأطفال، ومن يحرم المريض من حبّة الدواء، ومن يجعل عيون الأمّهات والآباء مجمرة على من يفقدونه يومياً من فلذات الأكباد.
إسرائيل لا تعيد فقط غزّة الى عصر البداوة والخيم والتشرّد.هي تعيد العالم، بشرقه وغربه، الى شريعة الغاب، حيث القوي يقتل الضعيف، وحيث السمك الكبير يبتلع السمك الصغير.
ما تفعله إسرائيل لا يشبه الإنسان فينا.لا يشبه الطبيعة البشرية.لا يشبه سلام الأديان والشرائع.هو حفلة جنون، لا أحد يعرف متى وكيف تنتهي!